للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَى عِلْمِهِ هَلْ مَاتَتْ وَهِيَ طَافِيَةٌ فِيهِ أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَطْفُوَ أَوْ مَاتَتْ مِنْ ضَرْبَةِ حُوتٍ أَوْ مِنْ صَخْرَةٍ مُنْهَدِمَةٍ أَوْ حَتْفَ أَنْفِهَا؟ وَلَا يَعْلَمُ هَذَا إلَّا اللَّهُ أَوْ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِذَلِكَ الْحُوتِ، وَمَا نَدْرِي لَعَلَّ الْجِنَّ لَا سَبِيلَ لَهَا إلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَمْ يُمْكِنُهَا عِلْمُ ذَلِكَ لِأَنَّ فِيهِمْ غَوَّاصِينَ بِلَا شَكٍّ؟ قَالَ تَعَالَى: {وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ} [الأنبياء: ٨٢] ثُمَّ لَا بُدَّ لِلسَّمَكَةِ الَّتِي شَرَّعَ فِيهَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ هَذِهِ الشَّرِيعَةَ السَّخِيفَةَ مِنْ مُذَرِّعٍ يُذَرِّعُ مَا مِنْهَا خَارِجَ الْمَاءِ وَمَا مِنْهَا دَاخِلَ الْمَاءِ ثُمَّ مَا يُدْرِيهِ الْبَائِسُ لَعَلَّهُ كَانَ أَكْثَرُهَا فِي الْمَاءِ، ثُمَّ أَدَارَتْهَا الْأَمْوَاجُ فَيَا لِلَّهِ وَيَا لِلْمُسْلِمِينَ لِهَذِهِ الْحَمَاقَاتِ الَّتِي لَا تُشْبِهُ إلَّا مَا يَتَطَايَبُ بِهِ الْمُجَّانُ لِإِضْحَاكِ سُخَفَاءِ الْمُلُوكِ، وَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ مِنْ قَوْلِهِمْ فِي الْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ فِي أَنَّهُ لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ: هَذَا زِيَادَةٌ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ فَلَا نَأْخُذُ بِهَا إلَّا مِنْ طَرِيقِ التَّوَاتُرِ، ثُمَّ لَا يَسْتَحْيُونَ أَنْ يَزِيدُوا بِمِثْلِ هَذِهِ الْعُقُولِ مِثْلَ هَذِهِ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ. نَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى السَّلَامَةِ فِي الدِّينِ وَالْعَقْلِ كَثِيرًا.

وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّهُ قَدْ حَرَّمَ الْخِنْزِيرَ وَالْإِنْسَانَ وَهَذَا خِنْزِيرٌ وَإِنْسَانٌ، وَقَدْ قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ بِهَذَا أَيْضًا خَاصَّةً: فَلَيْسَ خِنْزِيرًا وَلَا إنْسَانًا لِأَنَّهَا إنَّمَا هِيَ تَسْمِيَةُ مَنْ لَيْسَ حُجَّةً فِي اللُّغَةِ وَلَيْسَتْ التَّسْمِيَةُ إلَّا لِلَّهِ تَعَالَى، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ إلَى النَّاسِ لَكَانَ مَنْ شَاءَ أَنْ يُحِلَّ الْحَرَامَ أَحَلَّهُ بِأَنْ يُسَمِّيَهُ بِاسْمِ شَيْءٍ حَلَالٍ وَمَنْ شَاءَ أَنْ يُحَرِّمَ الْحَلَالَ حَرَّمَهُ بِأَنْ يُسَمِّيَهُ بِاسْمِ شَيْءٍ حَرَامٍ، فَسَقَطَ قَوْلُ هَذِهِ الطَّائِفَةِ سُقُوطًا لَا مِرْيَةَ فِيهِ وَبَقِيَ قَوْلٌ لِبَعْضِ السَّلَفِ فِي تَحْرِيمِ الطَّافِي مِنْ السَّمَكِ.

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ نَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: مَا طَفَا فَلَا تَأْكُلُوهُ وَمَا كَانَ عَلَى حَافَتَيْهِ أَوْ حَسِرَ عَنْهُ فَكُلُوهُ.

وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نَا إبْرَاهِيمُ هُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ - نَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: مَا حَسِرَ الْمَاءُ عَنْ ضِفَّتَيْ الْبَحْرِ فَكُلْ وَمَا مَاتَ فِيهِ طَافِيًا فَلَا تَأْكُلْ.

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ فُضَيْلٍ أَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ مَيْسَرَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: مَا طَفَا مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ فَلَا تَأْكُلُوهُ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ الْأَجْلَحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ وَقَدْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: إنِّي أَجِدُ الْبَحْرَ وَقَدْ جَعَلَ سَمَكًا قَالَ: لَا تَأْكُلْ مِنْهُ طَافِيًا. وَمِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ عَنْ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: مَا طَفَا مِنْ السَّمَكِ فَلَا تَأْكُلْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>