للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَكَرْنَا هُنَالِكَ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «أَكْثَرُ عَذَابِ الْقَبْرِ فِي الْبَوْلِ» فَعَمَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كُلَّ بَوْلٍ.

وَبَيَّنَّا هُنَالِكَ أَنَّ سَقْيَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعُرَنِيِّينَ أَبْوَالَ الْإِبِلِ، إنَّمَا كَانَ عَلَى سَبِيلِ التَّدَاوِي لِلْعِلَلِ الَّتِي كَانَتْ أَصَابَتْهُمْ وَأَوْرَدْنَا الْأَسَانِيدَ الثَّابِتَةَ بِكُلِّ هَذَا.

وَبَيَّنَّا فَسَادَ الرِّوَايَةِ مِنْ طَرِيقِ سَوَّارِ بْنِ مُصْعَبٍ - وَهُوَ سَاقِطٌ - لَا بَأْسَ بِبَوْلِ مَا أُكِلَ لَحْمُهُ وَهَذَا مِمَّا تَرَكُوا فِيهِ الْقِيَاسَ؛ إذْ قَاسُوا بَوْلَ الْحَيَوَانِ وَرَجِيعَهُ عَلَى لَحْمِهِ؛ فَهَلَّا قَاسُوهُ عَلَى دَمِهِ؟ فَهُوَ أَوْلَى بِالْقِيَاسِ، أَوْ عَلَى بَوْلِ الْآدَمِيِّينَ وَرَجِيعِهِمْ.

وَأَمَّا الْقَيْءُ -: فَلِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نَا مُسْلِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ نَا هِشَامُ هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ - وَشُعْبَةُ قَالَا جَمِيعًا: نَا قَتَادَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ [- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -] قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ» وَالْقَيْءُ هُوَ مَا تَغَيَّرَ، فَإِنْ خَرَجَ الطَّعَامُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ فَلَيْسَ قَيْئًا، فَلَيْسَ حَرَامًا؟ وَأَمَّا لُحُومُ النَّاسِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} [الحجرات: ١٢] . وَلِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ بِأَنْ يُوَارَى كُلُّ مَيِّتٍ مِنْ مُؤْمِنٍ أَوْ كَافِرٍ؛ فَمَنْ أَكَلَهُ فَلَمْ يُوَارِهِ؛ وَمَنْ لَمْ يُوَارِهِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ تَعَالَى.

وَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: ٣] فَحَرَّمَ تَعَالَى أَكْلَ الْمَيْتَةِ وَأَكْلَ مَا لَمْ يُذَكَّ، وَالْإِنْسَانُ قِسْمَانِ: قِسْمٌ حَرَامٌ قَتْلُهُ، وَقِسْمٌ مُبَاحٌ قَتْلُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>