للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُحَرِّمُونَ الْخَمْرَ وَلَيْسَتْ فِي الْآيَةِ، وَالْخَلِيطَيْنِ وَإِنْ لَمْ يُسْكِرَا وَلَمْ يُذْكَرَا فِي الْآيَةِ، وَهَذَا تَنَاقُضٌ عَظِيمٌ.

وَأَمَّا قَوْلُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فَلَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - بَلَغَهَا نَهْيُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ لَمَا خَالَفَتْهُ كَمَا فَعَلَتْ فِي تَحْرِيمِ الْغُرَابِ إذْ بَلَغَهَا وَلَيْسَ مَذْكُورًا فِي الْآيَةِ عَلَى مَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فَفِي غَايَةِ الْفَسَادِ، لِأَنَّهَا عَنْ جُوَيْبِرٍ - وَهُوَ هَالِكٌ - عَنْ الضَّحَّاكِ - وَهُوَ ضَعِيفٌ - وَلَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ غَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَأَمَّا قَوْلُ الزُّهْرِيِّ: إنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ عُلَمَائِهِ بِالْحِجَازِ فَكَانَ مَاذَا؟ وَهَبْك أَنَّ الزُّهْرِيَّ لَمْ يَسْمَعْهُ قَطُّ، أَتُرَى السُّنَنَ لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا شَيْءٌ حَتَّى يَعْرِفَهَا الزُّهْرِيُّ؟ إنَّ هَذَا لَعَجَبٌ مَا سُمِعَ بِمِثْلِهِ فَكَيْفَ وَالزُّهْرِيُّ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ عُلَمَائِهِ بِالْحِجَازِ، بَلْ أَفْتَى بِهِ كَمَا ذَكَرْنَا آنِفًا؟ وَكَمْ قِصَّةٍ خَالَفُوا فِيهَا عَائِشَةَ، وَالزُّهْرِيَّ إذَا خَالَفَهُمَا مَالِكٌ [إذْ] لَا مُؤْنَةَ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَا كَثِيرًا مِنْهُ وَنَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ نَفْسُهَا مِمَّا خَالَفُوا فِيهِ فُتْيَا عَائِشَةَ فِي الْغُرَابِ وَفُتْيَا الزُّهْرِيِّ كَمَا أَوْرَدْنَا وَإِنَّمَا هُمْ كَالْغَرِيقِ يَتَعَلَّقُ بِمَا يَجِدُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ هَلَاكُهُ.

وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّمَا نَهَى عَنْهَا لِضَرَرِ لَحْمِهَا - فَكَلَامُ جَمْعِ الْغَثَاثَةِ وَالْكَذِبِ، أَمَّا الْكَذِبُ مِمَّا عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ، وَمَنْ أَخْبَرَهُمْ بِهَذَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا كَذِبٌ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ قَوَّلُوهُ مَا لَمْ يَقُلْ، وَإِذْ أَخْبَرُوا عَنْهُ بِمَا لَمْ يُخْبِرْ بِهِ قَطُّ عَنْ نَفْسِهِ، وَهَذِهِ قِصَّةٌ مُهْلِكَةٌ مُؤَدِّيَةٌ إلَى النَّارِ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْهَا.

وَأَمَّا الْغَثَاثَةُ فَإِنَّ عِلْمَهُمْ بِالطِّبِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَمَا يَشُكُّ مَنْ لَهُ أَقَلُّ بَصَرٍ بِالْأَغْذِيَةِ فِي أَنَّ لَحْمَ الْجَمَلِ الشَّارِفِ وَالتَّيْسِ الْهَرِمِ أَشَدُّ ضَرَرًا مِنْ لَحْمِ الْكَلْبِ، وَالْهِرِّ، وَالْفَهْدِ.

ثُمَّ هَبْكَ أَنَّهُ كَمَا قَالُوا فَهَلْ فِي ذَلِكَ مَا يُبْطِلُ النَّهْيَ عَنْهَا؟ مَا هُوَ إلَّا تَأْكِيدٌ فِي الْمَنْعِ مِنْهَا، ثُمَّ قَدْ شَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِإِضَاعَةِ الْمَالِ وَالْمَعْصِيَةِ فِي ذَلِكَ؛ إذْ تَرَكُوا الْكِلَابَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>