عَنْ حِبَّانَ بْنِ جُزْءٍ عَنْ أَخِيهِ خُزَيْمَةَ بْنِ جُزْءٍ قَالَ «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا تَقُولُ فِي الضَّبُعِ؟ فَقَالَ لِي: وَمَنْ يَأْكُلُ الضَّبُعَ» ؟ وَذَكَرُوا مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُؤَمَّلِ بْنِ إسْمَاعِيلَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ نَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: سَأَلْت سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ عَنْ الضَّبُعِ؟ فَكَرِهَهُ فَقُلْت لَهُ: إنَّ قَوْمَك يَأْكُلُونَهُ؟ فَقَالَ: إنَّ قَوْمِي لَا يَعْلَمُونَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: مَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً غَيْرَ هَذَا -: فَأَمَّا احْتِجَاجُهُمْ بِنَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ السِّبَاعِ فَإِنَّهُ حَقٌّ وَلَكِنَّ الَّذِي نَهَى عَنْ السِّبَاعِ هُوَ الَّذِي أَحَلَّ الضِّبَاعَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ إبَاحَةِ مَا حُرِّمَ مِنْ السِّبَاعِ وَبَيْنَ تَحْرِيمِ مَا حُلِّلَ مِنْ الضِّبَاعِ، وَكِلَاهُمَا لَا تَحِلُّ مُخَالَفَتُهُ.
وَأَمَّا الْخَبَرُ الْمَذْكُورُ فَلَا شَيْءَ، لِأَنَّ إسْمَاعِيلَ بْنَ مُسْلِمٍ ضَعِيفٌ وَابْنَ أَبِي الْمُخَارِقِ سَاقِطٌ، وَحِبَّانَ بْنَ جُزْءٍ مَجْهُولٌ. ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَحْرِيمٌ أَصْلًا وَإِنَّمَا فِيهِ التَّعَجُّبُ مِمَّنْ يَأْكُلُهَا فَقَطْ.
وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ عِظَامَ الضَّأْنِ حَلَالٌ، ثُمَّ لَوْ رَأَيْنَا أَحَدًا يَأْكُلُهَا " أَوْ يَأْكُلُ جُلُودَهَا لَعَجِبْنَا مِنْ ذَلِكَ أَشَدَّ الْعَجَبِ.
وَأَمَّا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَلَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ جُمْلَةً ثُمَّ حَرَّمَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بُيُوعًا كَثِيرَةً فَلَمْ يُغَلِّبُوا عُمُومَ الْإِبَاحَةِ عَلَى تَخْصِيصِ النَّهْيِ وَهَذَا خِلَافُ فِعْلِهِمْ هَهُنَا، وَهَذَا مِمَّا خَالَفُوا فِيهِ جَمَاعَةً مِنْ الصَّحَابَةِ لَا يُعْرَفُ لَهُمْ مِنْهُمْ مُخَالِفٌ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَأَمَّا الْفِيلُ فَلَيْسَ سَبُعًا وَلَا جَاءَ فِي تَحْرِيمِهِ نَصٌّ، وَقَالَ تَعَالَى: {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: ٢٩] وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} [الأنعام: ١٤٥]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute