أَنَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَ حَمُولَةَ النَّاسِ فَكَرِهَ أَنْ تَذْهَبَ حَمُولَتُهُمْ، أَوْ حَرَّمَهُ فِي يَوْمِ خَيْبَرَ لَحْمَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ " فَهَذَا ظَنٌّ مِنْهُ، وَوَهْلَةٌ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُحَرِّمْهَا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - جُمْلَةً لَبَيَّنَ وَجْهَ نَهْيِهِ عَنْهَا، وَلَمْ يَدَعْ النَّاسَ إلَى الْحِيرَةِ؛ فَكَيْفَ «وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَإِنَّهَا رِجْسٌ» وَيَبْطُلُ كُلُّ ظَنٍّ؟ وَلَقَدْ كَانُوا إلَى الْخَيْلِ بِلَا شَكٍّ أَحْوَجَ مِنْهُمْ إلَى الْحُمُرِ، فَمَا حَمَلَهُ ذَلِكَ عَلَى نَهْيٍ عَنْهَا؛ بَلْ أَبَاحَ أَكْلَهَا وَذَكَاتَهَا، إذْ كَانَتْ حَلَالًا، وَبِذَلِكَ أَيْضًا يَبْطُلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّمَا نَهَى عَنْهَا لِأَنَّهَا لَمْ تُخَمَّسْ.
وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّمَا حُرِّمَتْ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَأْكُلُ الْعَذِرَةَ - فَظَنٌّ كَاذِبٌ أَيْضًا بِلَا بُرْهَانٍ، وَالدَّجَاجُ آكَلُ مِنْهَا لِلْعَذِرَةِ وَهِيَ حَلَالٌ.
فَإِنْ ذَكَرُوا: أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ احْتَجَّتْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام: ١٤٥] الْآيَةَ؟ قُلْنَا: لَمْ يَبْلُغْهَا التَّحْرِيمُ وَلَوْ بَلَغَهَا لَقَالَتْ بِهِ، كَمَا فَعَلَتْ فِي الْغُرَابِ، وَلَيْسَ مَذْكُورًا فِي هَذِهِ الْآيَةِ.
فَإِنْ ذَكَرُوا: مَا رُوِيَ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي لُحُومِ الْحُمُرِ «أَطْعِمْ أَهْلَكَ مِنْ سَمِينِ مَالِكَ، فَإِنَّمَا كَرِهْتُ لَكُمْ جَوَّالَ الْقَرْيَةِ، أَلَيْسَ تَأْكُلُ الشَّجَرَ وَتَرْعَى الْفَلَاةَ؟ فَأَصِدْ مِنْهَا» .
فَهَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ، لِأَنَّهَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بِشْرٍ وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَالْآخَرُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ لُوَيْمٍ - وَهُوَ مَجْهُولٌ - أَوْ مِنْ طَرِيقِ شَرِيكٍ - وَهُوَ ضَعِيفٌ.
ثُمَّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ - وَلَا يُدْرَى مَنْ هُوَ - عَنْ غَالِبِ بْنِ ديج وَلَا يُدْرَى مَنْ هُوَ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute