قَالَ عَلِيٌّ: دَاوُد بْنُ الْمُحَبَّرِ كَذَّابٌ، مَشْهُورٌ بِوَضْعِ الْحَدِيثِ، وَلَكِنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَقْلِيدِ مَنْ ذَكَرْنَا قَبْلُ فِي الْوُضُوءِ مِنْ الرُّعَافِ وَالْقَيْءِ وَالْقَلْسِ، وَالْأَخْذِ بِذَلِكَ الْأَثَرِ السَّاقِطِ، وَبَيْنَ تَقْلِيدِ مَنْ ذَكَرْنَا هَهُنَا فِي الْوُضُوءِ مِنْ أَذَى الْمُسْلِمِ، وَالْأَخْذِ بِهَذَا الْأَثَرِ السَّاقِطِ، بَلْ هَذَا عَلَى أُصُولِهِمْ أَوْكَدُ لِأَنَّ الْخِلَافَ هُنَالِكَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مَوْجُودٌ، وَلَا مُخَالِفَ يُعْرَفُ هَهُنَا لِعَائِشَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَهُمْ يُشَنِّعُونَ مِثْلَ هَذَا إذَا وَافَقَهُمْ.
وَأَمَّا نَحْنُ فَلَا حُجَّةَ عِنْدَنَا إلَّا فِيمَا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ قُرْآنٍ أَوْ خَبَرٍ.
وَأَمَّا مَسُّ الصَّلِيبِ وَالْوَثَنِ فَإِنَّنَا رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ " أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اسْتَتَابَ الْمُسْتَوْرِدَ الْعِجْلِيَّ، وَأَنَّ عَلِيًّا مَسَّ بِيَدِهِ صَلِيبًا كَانَتْ فِي عُنُقِ الْمُسْتَوْرِدِ فَلَمَّا دَخَلَ عَلِيٌّ فِي الصَّلَاةِ قَدَّمَ رَجُلًا وَذَهَبَ، ثُمَّ أَخْبَرَ النَّاسَ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ لِحَدَثٍ أَحْدَثَهُ، وَلَكِنَّهُ مَسَّ هَذِهِ الْأَنْجَاسَ فَأَحَبَّ أَنْ يُحْدِثَ مِنْهَا وُضُوءًا " وَرُوِّينَا أَثَرًا مِنْ طَرِيقِ يَعْلَى بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ حَيَّانَ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بُرَيْدَةَ وَقَدْ مَسَّ صَنَمًا فَتَوَضَّأَ» . قَالَ عَلِيٌّ: صَالِحُ بْنُ حَيَّانَ ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَلَقَدْ كَانَ يُلْزِمُ مَنْ يُعَظِّمُ خِلَافَ الصَّاحِبِ وَيَرَى الْأَخْذَ بِالْآثَارِ الْوَاهِيَةِ مِثْلَ الَّذِي قَدَّمْنَا أَنْ يَأْخُذَ بِهَذَا الْأَثَرِ، فَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ كَثِيرٍ مِمَّا يَأْخُذُونَ بِهِ قَدْ ذَكَرْنَاهُ، وَلَا يُعْرَفُ لِعَلِيٍّ هَهُنَا مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَهَذَا مِمَّا تَنَاقَضُوا فِيهِ.
وَأَمَّا نَحْنُ فَلَا حُجَّةَ عِنْدَنَا إلَّا فِي خَبَرٍ ثَابِتٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ الْقُرْآنِ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. لَا سِيَّمَا وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَدْ قَطَعَ صَلَاةَ الْفَرْضِ بِالنَّاسِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، وَمَا كَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِيَقْطَعَهَا فِيمَا لَا يَرَاهُ وَاجِبًا. فَإِنْ قَالُوا: لَعَلَّ هَذَا اسْتِحْبَابٌ قُلْنَا: وَلَعَلَّ كُلَّ مَا أَوْجَبْتُمْ فِيهِ الْوُضُوءَ مِنْ الرُّعَافِ وَغَيْرِهِ تَقْلِيدًا لِمَنْ سَلَفَ إنَّمَا هُوَ اسْتِحْبَابٌ وَكَذَلِكَ الْمَذْيُ، وَهَذَا كُلُّهُ لَا مَعْنَى لَهُ وَإِنَّمَا هِيَ دَعَاوٍ مُخَالِفَةٌ لِلْحَقَائِقِ. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَأَمَّا الرِّدَّةُ فَإِنَّ الْمُسْلِمَ لَوْ تَوَضَّأَ وَاغْتَسَلَ لِلْجَنَابَةِ أَوْ كَانَتْ امْرَأَةً فَاغْتَسَلَتْ مِنْ الْحَيْضِ ثُمَّ ارْتَدَّا ثُمَّ رَاجَعَا - الْإِسْلَامَ دُونَ حَدَثٍ يَكُونُ مِنْهُمَا، فَإِنَّهُ لَمْ يَأْتِ قُرْآنٌ وَلَا سُنَّةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute