للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَيُّوبُ: فَكُنْت أَهَابُ أَنْ أُحَدِّثَ النَّاسَ بِاللَّبَنِ حَتَّى حَدَّثَنِي رَجُلٌ أَنَّهُ يُصْنَعُ بِأَرْمِينِيَّةَ مِنْ اللَّبَنِ شَرَابًا لَا يَلْبَثُ صَاحِبُهُ. وَهَكَذَا رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - فَهَذَا ابْنُ عُمَرَ لَا يَرَى لِطَبْخِهِ مَعْنًى. وَقَدْ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ إسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: الْخَمْرُ مِنْ خَمْسَةٍ: مِنْ التَّمْرِ، وَالْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالْعَسَلِ، وَالْعِنَبِ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ نا مَعْمَرٌ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَقَتَادَةَ، كِلَاهُمَا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا حُرِّمَتْ الْخَمْرُ قَالَ أَنَسٌ: إنِّي لِأَسْقِيَ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا فَأَمَرُونِي فَكَفَأْتهَا وَكَفَأَ النَّاسُ آنِيَتَهُمْ حَتَّى كَادَتْ السِّكَكُ أَنْ تَمْتَنِعَ - قَالَ أَنَسٌ: وَمَا خَمْرُهُمْ إلَّا الْبُسْرَ، وَالتَّمْرَ مَخْلُوطَيْنِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: سَمَّى مِنْهُمْ أَنَسٌ فِي أَحَادِيثَ صِحَاحٍ تَرَكْنَا ذِكْرَهَا اخْتِصَارًا أَبَا طَلْحَةَ، وَأَبَا أَيُّوبَ، وَأَبَا دُجَانَةَ، وَأَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ، وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، وَسُهَيْلَ بْنَ بَيْضَاءَ، وَأُبَيُّ بْنَ كَعْبٍ - فَهَذَا الْإِجْمَاعُ الْمُتَيَقَّنُ أَنْ تَكُونَ حُرِّمَتْ الْخَمْرُ فَيُهْرِقُ الصِّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كُلَّ شَرَابٍ عِنْدَهُمْ مِنْ تَمْرٍ أَوْ بُسْرٍ. فَصَحَّ أَنَّهُ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ خَمْرٌ وَلَمْ يَخُصُّوا نِيئًا مِنْ مَطْبُوخٍ بِخِلَافِ أَقْوَالِ هَؤُلَاءِ الْمَحْرُومِينَ مِنْ التَّوْفِيقِ؛ وَلَوْ عِنْدَهُمْ قَلِيلُهُ لَمَا أَهْرَقُوهُ، لِأَنَّهُ قَدْ صَحَّ النَّهْيُ عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَقَالَ الطَّحْطَاوِيُّ هَهُنَا قَوْلًا لَا نَدْرِي كَيْفَ انْطَلَقَ بِهِ لِسَانُهُ؟ وَهُوَ أَنَّهُ قَالَ: إنَّمَا أَهْرَقُوهُ خَوْفَ أَنْ يَزِيدُوا مِنْهُ فَيَسْكَرُوا. قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا هُوَ الْكَذِبُ الْبَحْتُ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ، وَلَيْتَ شِعْرِي مَنْ أَخْبَرَهُ بِهَذَا عَنْهُمْ؟ وَهَلْ يَحِلُّ أَنْ يُخْبَرَ عَنْ أَحَدٍ بِالظَّنِّ؟ وَرُوِّينَا عَنْ شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ هُوَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ الْبَهْرَانِيُّ قَالَ: سَمِعْت ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُنْتَبَذُ لَهُ أَوَّلَ اللَّيْلِ فَيَشْرَبُهُ إذَا أَصْبَحَ يَوْمَهُ ذَلِكَ وَاللَّيْلَةَ الَّتِي تَجِيءُ وَالْغَدَ وَاللَّيْلَةَ الْأُخْرَى وَالْغَدَ إلَى الْعَصْرِ؛ فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ سَقَاهُ لِخَادِمٍ أَوْ أَمَرَ بِهِ فَصُبَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>