للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فُلَانٌ، وَأَرَادَ الْيَمِينَ، وَلَمْ يَرَ عَلَى مَنْ نَذَرَ أَنْ يَزْنِيَ، أَوْ أَنْ يَقْتُلَ، أَوْ أَنْ يَكْفُرَ، أَوْ أَنْ يَلُوطَ، أَوْ أَنْ يَشْرَبَ الْخَمْرَ كَفَّارَةَ يَمِينٍ أَصْلًا، فَخَالَفَ كُلَّ مَا ذَكَرْنَا إلَى غَيْرِ سَلَفٍ يُعْرَفُ.

وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَلَمْ يَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ النُّذُورِ فِي الْمَعْصِيَةِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ إلَّا فِيمَنْ نَذَرَ طَاعَةً أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْيَمِينِ؛ فَكِلَاهُمَا مُخَالِفٌ لِكُلِّ مَا ذَكَرْنَا، فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ مُتَعَلَّقٌ بِشَيْءٍ أَصْلًا - وَقَوْلُنَا هُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ السَّلَفِ -: كَمَا رُوِّينَا مِنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيّ أَخْبَرَنِي أَبُو رَافِعٍ قَالَ: قَالَتْ لِي مَوْلَاتِي لَيْلَى بِنْتِ الْعَجْمَاءِ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لَهَا حُرٌّ، وَكُلُّ مَالٍ لَهَا هَدْيٌ، وَهِيَ يَهُودِيَّةٌ، أَوْ نَصْرَانِيَّةٌ إنْ لَمْ تُطَلِّقْ امْرَأَتَك؛ فَأَتَيْت زَيْنَبَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ فَجَاءَتْ مَعِي إلَيْهَا، فَقَالَتْ: يَا زَيْنَبُ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَك إنَّهَا قَالَتْ: كُلُّ مَمْلُوكٍ حُرٌّ وَهِيَ يَهُودِيَّةٌ؟ فَقَالَتْ لَهَا زَيْنَبُ: يَهُودِيَّةٌ وَنَصْرَانِيَّةٌ خَلِّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ: فَكَأَنَّهَا لَمْ تَقْبَلْ فَأَتَيْت حَفْصَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ فَأَرْسَلَتْ مَعِي إلَيْهَا فَقَالَتْ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَك إنَّهَا قَالَتْ: كُلُّ مَمْلُوكٍ حُرٌّ، وَكُلُّ مَالٍ لَهَا هَدْيٌ وَهِيَ يَهُودِيَّةٌ أَوْ نَصْرَانِيَّةٌ؛ فَقَالَتْ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ: يَهُودِيَّةٌ وَنَصْرَانِيَّةٌ خَلِّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ.

وَمِنْ طَرِيقِ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فِيمَنْ قَالَ لِغَرِيمِهِ: إنْ فَارَقْتُك فَمَا لِي عَلَيْك فِي الْمَسَاكِين صَدَقَةٌ، فَفَارَقَهُ، إنَّ هَذَا لَا شَيْءَ يَلْزَمُهُ فِيهِ.

وَصَحَّ هَذَا أَيْضًا عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْهُمَا وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَالْحَارِثِ الْعُكْلِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِنَا.

فَإِنْ قَالُوا: قَدْ أَفْتَى ابْنُ عُمَرَ فِي ذَلِكَ بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الصِّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي ذَلِكَ عَلَى مَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَمَا الَّذِي جَعَلَ قَوْلَ بَعْضِهِمْ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ بَعْضٍ بِلَا بُرْهَانٍ؟ وَصَحَّ عَنْ عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ أُمَّيْ الْمُؤْمِنِينَ.

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ جَعَلَ قَوْلَ لَيْلَى بِنْتِ الْعَجْمَاءِ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لَهَا حُرٌّ، وَكُلُّ مَالٍ لَهَا هَدْيٌ، وَهِيَ يَهُودِيَّةٌ أَوْ نَصْرَانِيَّةٌ إنْ لَمْ تُطَلِّقْ امْرَأَتَك كَفَّارَةَ يَمِينٍ وَاحِدَةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>