للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْآخَرُ: الثَّابِتُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مِنْ عَلَامَةِ النِّفَاقِ ثَلَاثَةٌ - وَإِنْ صَلَّى، وَصَامَ، وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ: - إذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اُؤْتُمِنَ خَانَ» .

فَهَذَانِ أَثَرَانِ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ، وَآثَارٌ أُخُرُ لَا تَصِحُّ -: أَحَدُهَا: مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ مَوَالِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَة الْعَدَوِيِّ حَدَّثَهُ «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ قَالَتْ لِي أُمِّي هَاهْ تَعَالَ أُعْطِكَ؟ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيهِ؟ فَقَالَتْ: أُعْطِيهِ تَمْرًا، فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: أَمَا أَنَّكِ لَوْ لَمْ تُعْطِيهِ شَيْئًا، كُتِبَتْ عَلَيْك كِذْبَةٌ» هَذَا لَا شَيْءَ؛ لِأَنَّهُ عَمَّنْ لَمْ يُسَمَّ.

وَآخَرُ: مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ أَيْضًا عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: وَأَيُّ الْمُؤْمِنِ حَقٌّ وَاجِبٌ» .

هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ ضَعِيفٌ وَهُوَ مُرْسَلٌ.

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «وَلَا تَعِدْ أَخَاكَ وَعْدًا فَتُخْلِفْهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُورِثُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةً» .

وَهَذَا مُرْسَلٌ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ضَعِيفٌ.

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ قَالَ لِصَبِيٍّ: تَعَالَ هَاهْ لَكَ، ثُمَّ لَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا فَهِيَ كِذْبَةٌ» .

ابْنُ شِهَابٍ كَانَ إذْ مَاتَ أَبُو هُرَيْرَةَ ابْنَ أَقَلَّ مِنْ تِسْعِ سِنِينَ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ كَلِمَةٌ.

وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ: يَرَوْنَ الْمُرْسَلَ كَالْمُسْنَدِ، وَيَحْتَجُّونَ بِمَا ذَكَرْنَا - فَيَلْزَمُهُمْ أَنْ يَقْضُوا بِإِنْجَازِ الْوَعْدِ عَلَى الْوَاعِدِ وَلَا بُدَّ، وَإِلَّا فَهُمْ مُتَنَاقِضُونَ، فَلَوْ صَحَّتْ هَذِهِ الْآثَارُ لَقُلْنَا بِهَا.

وَأَمَّا الْحَدِيثَانِ اللَّذَانِ صَدَّرْنَا بِهِمَا فَصَحِيحَانِ إلَّا أَنَّهُ لَا حُجَّةَ فِيهِمَا عَلَيْنَا؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا عَلَى ظَاهِرِهِمَا؛ لِأَنَّ مَنْ وَعَدَ بِمَا لَا يَحِلُّ، أَوْ عَاهَدَ عَلَى مَعْصِيَةٍ، فَلَا يَحِلُّ لَهُ الْوَفَاءُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، كَمَنْ وَعَدَ بِزِنًى، أَوْ بِخَمْرٍ، أَوْ بِمَا يُشْبِهُ ذَلِكَ.

فَصَحَّ أَنْ لَيْسَ كُلُّ مَنْ وَعَدَ فَأَخْلَفَ، أَوْ عَاهَدَ فَغَدَرَ: مَذْمُومًا، وَلَا مَلُومًا، وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>