وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى نا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ نا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْحِينُ قَدْ يَكُونُ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً - وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ.
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ طَاوُوسٍ قَالَ: الزَّمَانُ شَهْرَانِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى: وَكَلَامُ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَجَدْنَاهُ تَعَالَى قَدْ قَالَ: {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا} [الإنسان: ١] فَهَذَا مُذْ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَبْدَأَ الْعَالَمِ إلَى خَلْقِ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَنَسَمَ بَنِيهِ، وَإِلَى وَقْتِ نَفْخِ الرُّوحِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا.
وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} [ص: ٨٨] فَهَذَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} [يونس: ٩٨] فَهَذَا مُدَّةُ عُمْرِ الْإِنْسَانِ إلَى أَنْ يَمُوتَ.
وَقَالَ تَعَالَى: {لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ} [يوسف: ٣٥] .
وَقَالَ تَعَالَى: {فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} [يوسف: ٤٢] وَالْبِضْعُ مَا بَيْنَ الثَّلَاثِ إلَى التِّسْعِ.
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم: ١٧] {وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ} [الروم: ١٨] فَسَمَّى اللَّهُ تَعَالَى الْمَسَاءَ حِينًا، وَالْإِصْبَاحَ حِينًا، وَالظَّهِيرَةَ حِينًا.
فَصَحَّ بِذَلِكَ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَبَطَلَ قَوْلُ مَنْ حَدَّ حَدًّا دُونَ حَدٍّ.
وَوَجَدْنَا احْتِجَاجَهُمْ بِالنَّخْلَةِ عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ، لِأَنَّنَا نُشَاهِدُهَا يَرْطُبُ مِنْهَا مَا كَانَ زَهْوًا، وَيُزْهَى مَا كَانَ بَسْرًا، وَيَبْسُرُ مِنْهَا مَا كَانَ بَلَحًا، وَيُبْلِحُ مِنْهَا مَا كَانَ طَلْعًا، فَفِي كُلِّ سَاعَةٍ تُؤْتِي أُكُلَهَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَلِأَبِي حَنِيفَةَ هُنَا تَخَالِيطُ عَظِيمَةٌ -: مِنْهَا - أَنَّهُ قَالَ: مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمَ فُلَانًا زَمَانًا، أَوْ الزَّمَانَ، أَوْ حِينًا أَوْ الْحِينَ، أَوْ مَلِيًّا، أَوْ طَوِيلًا، فَهُوَ كُلُّهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مُدَّةً مَا فَلَهُ مَا نَوَى - وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ مَلِيًّا: أَنَّهُ شَهْرٌ وَاحِدٌ.