للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَأَى السَّلَامَةَ فِي إيدَاعِهَا -: فَيَلْزَمُهُمْ بِهَذَا الِاسْتِدْلَال الْبَدِيعُ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَنْ يَرْهَنَهَا عَنْ نَفْسِهِ.

وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِمَا صَحَّ مِنْ طَرِيقِ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ، وَإِنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ» . وَمِنْ طَرِيقِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِ يَدِهِ وَوَلَدُهُ مِنْ كَسْبِهِ» .

رُوِّينَاهُمَا مِنْ طَرِيقِ قَاسِمِ بْنِ أَصْبَغَ قَالَ: نا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، قَالَ بَكْرٌ: نا مُسَدَّدٌ نا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ نا إبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ

وَقَالَ أَحْمَدُ: نا أَبِي نا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ الْأَسْوَدِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَانِ الْخَبَرَانِ إنَّمَا هُمَا فِي الْأَكْلِ، وَهَكَذَا نَقُولُ: يَأْكُلُ مِنْهُ مَا شَاءَ مِنْ بَيْتِهِ وَغَيْر بَيْتِهِ، وَلَيْسَا فِي الْبَيْعِ، وَلَا فِي الِارْتِهَانِ، وَلَا فِي الْهِبَةِ.

وَلَا فِي الْأَخْذِ وَالتَّمَلُّكِ فَإِنْ قَالُوا: قِسْنَا ذَلِكَ عَلَى الْأَكْلِ قُلْنَا: الْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ، ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكُنْتُمْ قَدْ تَنَاقَضْتُمْ أَفْحَشَ تَنَاقُضٍ مِنْ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ} [النور: ٦١] إلَى قَوْله تَعَالَى: {أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} [النور: ٦١] فَأَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى الْأَكْلَ مِنْ بُيُوتِ الْأَصْدِقَاءِ وَاَلَّتِي مَفَاتِحُهَا بِأَيْدِينَا وَبُيُوتِ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَات وَسَائِرِ مَنْ ذُكِرَ فِي الْآيَةِ فَأَبِيحُوا الِارْتِهَانَ مِنْهَا قِيَاسًا عَلَى الْأَكْلِ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِهَا وَأَنْتُمْ لَا تَفْعَلُونَ ذَلِكَ فَقَدْ نَقَضْتُمْ قِيَاسَكُمْ وَتَرَكْتُمُوهُ وَقَضَيْتُمْ بِفَسَادِهِ وَهُوَ أَهْلٌ لِلْفَسَادِ جُمْلَةً، وَالثَّانِي أَنَّكُمْ لَا تُجِيزُونَ أَنْ يَبِيعَ مِنْ مَالِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ إلَّا عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ لَهُ وَلَا أَنْ يَتَمَلَّكَ مِنْهُ شَيْئًا أَصْلًا لِغَيْرِ الْحَاجَةِ الْمَاسَّةِ إلَّا الِارْتِهَانَ خَاصَّةً، وَعِنْدَ الْمَالِكِيِّينَ أَنْ يُصَدِّقهُ عَنْ نَفْسِهِ خَاصَّةً فَكَمْ هَذَا التَّنَاقُضُ وَالتَّحَكُّمُ فِي الدِّينِ بِالْآرَاءِ الْفَاسِدَةِ الْمُضْطَرِبَةِ، وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْبَزَّارِ نا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُد هُوَ الْخُرَيْبِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>