فَنَسْأَلُهُمْ عَمَّنْ صَارَ إلَيْهِ مَالُ أَحَدٍ بِغَيْرِ حَقٍّ؟ أَعِرْقُ ظَالِمٍ هُوَ أَمْ لَا؟ فَإِنْ قَالُوا: لَا، خَالَفُوا الْقُرْآنَ، وَالسُّنَنَ، وَتَرَكُوا قَوْلَهُمْ، وَقَوْلَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَلَزِمَهُمْ أَنْ لَا يَرُدُّوا عَلَى الْمُسْتَحِقِّ شَيْئًا، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِيَدِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ، وَلَا بِيَدِ الْغَاصِبِ، وَالظَّالِمُ بِعِرْقِ ظَالِمٍ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عِرْقُ ظَالِمٍ فَهُوَ عِرْقُ حَقٍّ، إذْ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا.
قَالَ تَعَالَى: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضَّلالُ} [يونس: ٣٢] وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهَذَا - وَإِنْ قَالُوا: بَلْ بِعِرْقِ ظَالِمٍ هُوَ بِيَدِهِ، لَزِمَهُمْ أَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِي شَيْءٍ مِمَّا سَرَى فِيهِ ذَلِكَ الْعِرْقُ.
وَهَذَا فِي غَايَةِ الْوُضُوحِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَأَمَّا مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْوَلَدِ وَبَيْنَ سَائِرِ الْغَلَّةِ: فَكَلَامٌ فِي غَايَةِ السُّخْفِ وَالْفَسَادِ، وَلَوْ عُكِسَ عَلَيْهِمْ قَوْلُهُمْ مَا انْفَصَلُوا مِنْهُ.
وَأَمَّا مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْأَوْلَادِ الْأَحْيَاءِ فَرَأَى رَدَّهُمْ، وَبَيْنَ الْمَوْتَى فَلَمْ يَرَ رَدَّهُمْ فَيُقَالُ لَهُمْ هَلْ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ كُلِّ مَا نَتَجَتْ الْأُمَّهَاتُ حِينَ الْوِلَادَةِ إلَى سَيِّدِهِمْ وَسَيِّدِ أُمِّهِمْ أَمْ لَا؟ فَإِنْ قَالُوا: لَا، لَزِمَهُمْ أَنْ لَا يَقْضُوا بِرَدِّهِمْ أَصْلًا أَحْيَاءً وُجِدُوا أَمْ أَمْوَاتًا.
وَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ، قُلْنَا: فَسُقُوطُ وُجُوبِ رَدِّهِمْ بِمَوْتِهِمْ كَلَامٌ بَاطِلٌ لَا خَفَاءَ بِهِ.
وَلَهُمْ فِي أَوْلَادِ الْمُسْتَحِقَّةِ مِمَّنْ اُسْتُحِقَّتْ عَلَيْهِ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ -: فَمَرَّةً قَالُوا: يَأْخُذُهَا وَيَأْخُذُ قِيمَةَ وَلَدِهَا، وَمَرَّةٌ قَالُوا: يَأْخُذُهَا فَقَطْ، وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْوَلَدِ - لَا قِيمَةَ وَلَا غَيْرِهَا - وَمَرَّةً قَالُوا: يَأْخُذُ قِيمَتَهَا وَقِيمَةَ وَلَدِهَا.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذِهِ أَقْوَالٌ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ، وَنَسْأَلُهُمْ عَنْ هَؤُلَاءِ الْأَوْلَادِ هَلْ وَقَعَ عَلَيْهِمْ قَطُّ فِي أَوَّلِ خَلْقهمْ، أَوْ حِينَ وِلَادَتِهِمْ: مَلَكَ سَيِّدُ أُمِّهِمْ أَمْ لَمْ يَقَعْ لَهُ قَطُّ عَلَيْهِمْ مِلْكٌ؟ وَلَا ثَالِثَ لِهَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ؟ فَإِنْ قَالُوا: بَلْ قَدْ وَقَعَ عَلَيْهِمْ مِلْكُهُ؟ قُلْنَا: فَفِي أَيِّ دِينِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَجَدْتُمْ أَنْ تُجْبِرُوهُ عَلَى بَيْعِ عَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ بِلَا ضَرَرٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute