للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَقِيمَتُهَا مَا لَمْ تَبْلُغْ خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَإِنْ بَلَغَتْهَا أَوْ تَجَاوَزَتْهَا بِمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ لَمْ يَغْرَمْ قَاتِلُهَا إلَّا خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ غَيْرَ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ - وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَغْرَمُ الْقِيمَةَ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ.

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَشُرَيْحٍ، قَالُوا: ثَمَنُهُ، وَإِنْ خَالَفَ دِيَةَ الْحُرِّ - وَصَحَّ هَذَا أَيْضًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَيْضًا، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ.

وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَإِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَعَطَاءٍ، وَمَكْحُولٍ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَغَيْرِهِمْ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فَفِي غَايَةِ السُّقُوطِ؛ لِأَنَّهُ حَدَّ مَا يَسْقُطُ مِنْ ذَلِكَ بِحَدٍّ لَا يُحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ رَأْيِهِ الْفَاسِدِ.

وَقَالَ مُقَلِّدُوهُ: يَنْقُصُ مِنْ ذَلِكَ مَا تُقْطَعُ فِيهِ الْيَدُ؟ قُلْنَا: وَمِنْ أَيْنَ لَكُمْ هَذَا؟ ثُمَّ قَدْ تَنَاقَضْتُمْ فَأَسْقَطْتُمْ مِنْ دِيَةِ الْمَرْأَةِ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ، وَلَيْسَ تُقْطَعُ فِيهَا الْيَدُ فِي قَوْلِكُمْ، فَقَدْ أَبْطَلْتُمْ مَا أَصَّلْتُمْ مِنْ كَثَبٍ.

ثُمَّ نَقُولُ لَهُمْ: وَهَلَّا نَقَصْتُمْ مِنْ الدِّيَةِ مَا نَقَصْتُمْ مِنْ الْأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا فِي جَعْلِ الْآبِقِ إذَا كَانَ يُسَاوِيهَا؟ وَهَلَّا نَقَصْتُمْ مِنْ الدِّيَةِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ؟ وَهَلْ هَذَا إلَّا رَأْيٌ زَائِفٌ مُجَرَّدٌ؟ وَكُلُّ قَوْلٍ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ دَلِيلٌ أَصْلًا، وَلَا كَانَ لَهُ سَلَفٌ فَأَوْلَى قَوْلٍ بِالِاطِّرَاحِ.

ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ: لَا يَبْلُغُ بِدِيَةِ الْعَبْدِ دِيَةَ الْحُرِّ -: فَوَجَدْنَاهُ قَوْلًا فَاسِدًا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، ثُمَّ هُمْ يَتَنَاقَضُونَ، فَيَقُولُونَ: فِيمَنْ قَتَلَ كَلْبًا يُسَاوِي أَلْفَيْ دِينَارٍ: أَنَّهُ يُعْطِي أَلْفَيْ دِينَارٍ، وَإِنْ عَقَرَ خِنْزِيرًا لِذِمِّيٍّ يُسَاوِي أَلْفَ دِينَارٍ أَدَّى إلَيْهِ أَلْفَ دِينَارٍ، وَإِنْ قَتَلَ نَصْرَانِيًّا يَجْعَلُ لِلَّهِ تَعَالَى الْوَلَدَ وَأُمَّ الْوَلَدِ: أَنَّهُ يُعْطِي فِيهِ دِيَةَ الْمُسْلِمِ؟ فَيَا لِلْمُسْلِمِينَ أَيَبْلُغُ كَلْبٌ، وَخِنْزِيرٌ، وَمَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْ الْكَلْبِ، وَالْخِنْزِيرِ: دِيَةَ الْمُسْلِمِ، وَلَا يَبْلُغُ بِلَالٌ لَوْ قُتِلَ قَبْلَ أَنْ يُعْتَقَ دِيَةَ مُسْلِمٍ؟ نَعَمْ، وَلَا دِيَةَ كَافِرٍ يَعْبُدُ الصَّلِيبَ، وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ الْيَوْمَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَعِنْدَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>