للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُسَاقَاةِ " فِي خَيْبَرَ إلَى غَيْرِ أَجَلٍ، وَقَدْ اتَّفَقُوا بِلَا شَكٍّ، عَلَى ذَلِكَ عَصْرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَصْرُ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَلَا بَالَوْا بِمُخَالَفَةِ أَكْثَرَ مِنْ ضِعْفِ هَذَا الْعَدَدِ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -: صَحَّ عَنْهُمْ الْقِصَاصُ مِنْ اللَّطْمَةِ، وَمِنْ ضَرْبَةٍ بِالسَّوْطِ، وَالْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ، وَالْعِمَامَةِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ.

ثُمَّ قَدْ رُوِّينَا خِلَافَ هَذَا كُلِّهِ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ.

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي الْإِبَاقِ قَالَ: الْمُسْلِمُونَ يَرُدُّ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ.

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا وَكِيعٌ عَنْ إسْرَائِيلَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: الْمُسْلِمُ يَرُدُّ عَلَى الْمُسْلِمِ -: يَعْنِي فِي الْآبِقِ.

وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ نا سُفْيَانُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ قَالَ فِي الْآبِقِ: الْمُسْلِمُ يَرُدُّ عَلَى الْمُسْلِمِ - وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَاللَّيْثِ، وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ - وَأَحَدُ قَوْلَيْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ كُلُّهُمْ يَقُولُ: لَا جُعْلَ فِي الْآبِقِ.

وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ نا مِسْعَرٌ - هُوَ ابْنُ كَدَّامٍ - عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ قَالَ: قُلْت لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ: أَيُجْتَعَلُ فِي الْآبِقِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْت: الْحُرُّ قَالَ: لَا.

وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ نا إسْرَائِيلُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: إنْ لَمْ يُعْطِهِ جُعْلًا فَلْيُرْسِلْهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي أَخَذَهُ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: ٢٩] وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ.

وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: ٢] فَفَرَضَ عَلَى كُلِّ مُسْلِمِ حِفْظَ مَالِ أَخِيهِ إذَا وَجَدَهُ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ مَالِهِ بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسِهِ فَلَا شَيْءَ لِمَنْ أَتَى بِآبِقٍ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ فِعْلًا هُوَ فَرْضٌ عَلَيْهِ، كَالصَّلَاةِ، وَالصِّيَامِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَلَوْ أَعْطَاهُ بِطِيبِ نَفْسِهِ لَكَانَ حَسَنًا، وَلَوْ أَنَّ الْإِمَامَ يُرَتِّبُ لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَطَاهُ لَكَانَ حَسَنًا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

تَمَّ " كِتَابُ الْجُعْلِ " بِحَمْدِ اللَّهِ [وَعَوْنِهِ] .

<<  <  ج: ص:  >  >>