وَرُوِيَ مِنْ طَرِيقِ إسْرَائِيلَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَعْلَى عَنْ جَدَّتِهِ حَكِيمَةَ عَنْ أَبِيهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ الْتَقَطَ لُقَطَةً يَسِيرَةً دِرْهَمًا أَوْ حَبْلًا أَوْ شِبْهَ ذَلِكَ فَلْيُعَرِّفْهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ كَانَ فَوْقَ ذَلِكَ فَلْيُعَرِّفْهُ سِتَّةَ أَيَّامٍ» وَهَذَا لَا شَيْءَ: إسْرَائِيلُ ضَعِيفٌ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَجْهُولٌ، وَحَكِيمَةُ عَنْ أَبِيهَا أَنْكَرُ وَأَنْكَرُ، ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: رُوِّينَا عَنْ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَالْأَوْزَاعِيِّ تَعْرِيفَ اللُّقَطَةِ سَنَةً - وَهُوَ الْقَوْلُ الظَّاهِرُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ خِلَافُهُ. وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَيْضًا: تَعْرِيفُ اللُّقَطَةِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ. وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْهُ مِنْ طَرِيقِ شَرِيكٍ عَنْ أَبِي يَعْقُوبَ الْعَبْدِيِّ عَنْ أَبِي شَيْخٍ الْعَبْدِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ صُوحَانَ الْعَبْدِيِّ أَنَّ عُمَرَ أَمَرَ أَنْ يُعَرِّفَ قِلَادَةً الْتَقَطَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ جَاءَ مَنْ يَعْرِفُهَا وَإِلَّا وَضَعَهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ - فَهَذِهِ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - خَمْسَةُ أَقْوَالٍ. وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ مَنْ الْتَقَطَ دِرْهَمًا فَإِنَّهُ يُعَرِّفُهُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ فِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الرَّازِيّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْهُ: أَنَّ مَا بَلَغَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا فَإِنَّهُ يُعَرَّفُ سَنَةً. وَاخْتَلَفَا فِيمَا كَانَ أَقَلَّ فَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ: يُعَرَّفُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُعَرَّفُ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى الْمُلْتَقِطُ - وَهَذِهِ آرَاءٌ فَاسِدَةٌ كَمَا تَرَى، وَمِنْهَا: دَفْعُ اللُّقَطَةِ إلَى مَنْ عَرَفَ الْعِفَاصَ، وَالْوِكَاءَ، وَالْعَدَدَ، وَالْوِعَاءَ فَقَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ كَمَا قُلْنَا.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ: لَا يَدْفَعُهَا إلَيْهِ بِذَلِكَ، فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْمَعُ صَاحِبَهَا يَصِفُهَا فَيَعْرِفُ صِفَتَهَا فَيَأْتِي بِهَا -. وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْجَبَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَنَهَى عَنْ أَنْ يُعْطَى أَحَدٌ بِدَعْوَاهُ. وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ لَيْسَ لَكَ غَيْرُ ذَلِكَ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute