للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَا وَكَذَا؟ فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كُلُوا بِاسْمِ اللَّهِ، فَأَكَلُوا، فَبَيْنَمَا هُمْ مَكَانَهُمْ إذَا غُلَامٌ يَنْشُدُ اللَّهَ تَعَالَى وَالْإِسْلَامَ الدِّينَارَ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَدُعِيَ لَهُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: سَقَطَ مِنِّي فِي السُّوقِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَا عَلِيُّ اذْهَبْ إلَى الْجَزَّارِ فَقُلْ لَهُ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ لَكَ: أَرْسِلْ إلَيَّ بِالدِّينَارِ، وَدِرْهَمُكَ عَلَيَّ، فَأَرْسَلَ بِهِ، فَدَفَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَا بَيِّنَةٍ» .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا خَبَرٌ خَيْرٌ مِنْ خَبَرِهِمْ، وَهُوَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَعَلِيٌّ، وَفَاطِمَةُ، وَالْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -: لَا تَحِلُّ لَهُمْ الصَّدَقَةُ أَغْنِيَاءَ كَانُوا أَوْ فُقَرَاءَ. وَقَدْ أَبَاحَ فِي هَذَا الْخَبَرِ شِرَاءَ الدَّقِيقِ بِالدِّينَارِ، فَإِنَّمَا أَخَذَهُ ابْتِيَاعًا، ثُمَّ أَهْدَى إلَيْهِ الْيَهُودِيُّ الدِّينَارَ، وَكَذَلِكَ رَهَنَ الدِّينَارَ فِي اللَّحْمِ، وَالْخَبَرُ الصَّحِيحُ يَكْفِي مِنْ كُلِّ هَذَا.

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ نا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَمْرَةٍ مَطْرُوحَةٍ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ: لَوْلَا أَنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الصَّدَقَةِ لَأَكَلْتُهَا» فَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَنِيٌّ لَا فَقِيرٌ بِشَهَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ إذْ يَقُولُ: {وَوَجَدَكَ عَائِلا فَأَغْنَى} [الضحى: ٨] يَسْتَحِلُّ أَكْلَ اللُّقَطَةِ، وَإِنَّمَا تَوَقَّعَ أَنْ تَكُونَ مِنْ الصَّدَقَةِ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا عَلَى تَحْقِيقِ الصِّفَةِ أَنَّهَا مِنْ الصَّدَقَةِ لِأَنَّهَا لُقَطَةٌ - وَهَذَا كَلَامُ إنْسَانٍ عَدِيمِ عَقْلٍ وَحَيَاءٍ وَدِينٍ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ لَا يُعْقَلُ، وَخِلَافٌ لِمَفْهُومِ لَفْظِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَذِبٌ مُجَاهَرٌ بِهِ، بَارِدٌ غَثٌّ - وَأَعْجَبُ شَيْءٍ قَوْلُ بَعْضِهِمْ: قَدْ صَحَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعْطِيهَا غَنِيًّا غَيْرُهُ، فَكَانَ هُوَ كَذَلِكَ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا شَيْءَ أَسْهَلَ مِنْ الْكَذِبِ الْمَفْضُوحِ عِنْدَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ، ثُمَّ كَذِبُهُمْ إنَّمَا هُوَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَعَلَى رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَعَلَى الْعُقُولِ، وَالْحَوَاسِّ، لَيْتَ شِعْرِي مَتَى أُجْمِعُ مَعَهُمْ عَلَى هَذَا، وَمَنْ أَجْمَعَ مَعَهُمْ عَلَى هَذَا، أَبْقِيَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>