للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِامْرَأَةٍ شَيْءٌ فِي مَالِهَا إلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا» هَذَا لَفْظُ طَاوُسٍ، وَلَفْظُ عِكْرِمَةَ " فِي مَالِهَا شَيْءٌ " مَا نَعْلَمُ لَهُمْ شَيْئًا غَيْرَ هَذَا أَصْلًا

وَكُلُّ هَذِهِ النُّصُوصِ الْآيَةِ وَالْأَخْبَارِ مَا صَحَّ مِنْهَا وَمَا لَمْ يَصِحَّ فَحُجَّةٌ عَلَى الْمَالِكِيِّينَ، وَمُبْطِلٌ لِقَوْلِهِمْ فِي إبَاحَةِ الثُّلُثِ وَمَنْعِهِمْ مِمَّا زَادَ.

فَأَمَّا الْخَبَرُ «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ» فَلَيْسَ فِيهِ التَّغْبِيطُ بِذَلِكَ، وَلَا الْحَضُّ عَلَيْهِ، وَلَا إبَاحَتُهُ فَضْلًا عَنْ غَيْرِ ذَلِكَ، بَلْ فِيهِ الزَّجْرُ عَنْ أَنْ تُنْكَحَ لِغَيْرِ الدِّينِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي هَذَا الْخَبَرِ نَفْسِهِ «فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ» فَقَصَرَ أَمْرَهُ عَلَى ذَاتِ الدِّينِ، فَصَارَ مَنْ نَكَحَ لِلْمَالِ غَيْرَ مَحْمُودٍ فِي نِيَّتِهِ تِلْكَ.

ثُمَّ هَبْكَ أَنَّهُ مُبَاحٌ مُسْتَحَبٌّ؟ أَيُّ دَلِيلٍ فِيهِ عَلَى أَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ مِنْ مَالِهَا بِكَوْنِهِ أَحَدَ الطَّمَّاعِينَ فِي مَالٍ لَا يَحِلُّ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ إلَّا مَا يَحِلُّ مِنْ مَالِ جَارِهِ؟ وَهُوَ مَا طَابَتْ لَهُ بِهِ نَفْسُهَا وَنَفْسُ جَارِهِ وَلَا مَزِيدَ.

وَأَيْضًا: فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى افْتَرَضَ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ الَّتِي أَجْمَعَ أَهْلُ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِمَا إجْمَاعًا مَقْطُوعًا بِهِ مُتَيَقَّنًا أَنَّ عَلَى الْأَزْوَاجِ نَفَقَاتِ الزَّوْجَاتِ؛ وَكِسْوَتَهُنَّ، وَإِسْكَانَهُنَّ، وَصَدُقَاتِهِنَّ، وَجَعَلَ لَهُنَّ الْمِيرَاثَ مِنْ الرِّجَالِ كَمَا جَعَلَهُ لِلرِّجَالِ مِنْهُنَّ سَوَاءً سَوَاءً - فَصَارَ بِيَقِينٍ مِنْ كُلِّ ذِي مَسْكَةِ عَقْلٍ حَقُّ الْمَرْأَةِ فِي مَالِ زَوْجِهَا وَاجِبًا لَازِمًا، حَلَالًا يَوْمًا بِيَوْمٍ، وَشَهْرًا بِشَهْرٍ، وَعَامًا بِعَامٍ، وَفِي كُلِّ سَاعَةٍ، وَكَرَّةِ الطَّرَفِ، لَا تَخْلُو ذِمَّتُهُ مِنْ حَقٍّ لَهَا فِي مَالِهِ. بِخِلَافِ مَنْعِهِ مِنْ مَالِهَا جُمْلَةً، وَتَحْرِيمِهِ عَلَيْهِ، إلَّا مَا طَابَتْ لَهُ نَفْسُهَا بِهِ، ثُمَّ تَرْجُو مِنْ مِيرَاثِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ كَمَا يَرْجُو الزَّوْجُ فِي مِيرَاثِهَا وَلَا فَرْقَ. فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مُوجِبًا لِلرَّجُلِ مَنْعَهَا مِنْ مَالِهَا فَهُوَ لِلْمَرْأَةِ أَوْجَبُ، وَأَحَقُّ فِي مَنْعِهِ مِنْ مَالِهِ إلَّا بِإِذْنِهَا؛ لِأَنَّ لَهَا شِرْكًا وَاجِبًا فِي مَالِهِ، وَلَيْسَ لَهُ فِي مَالِهَا إلَّا التَّبُّ وَالزَّجْرُ، فَيَا لَلْعَجَبِ فِي عَكْسِ الْأَحْكَامِ.

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُطْلَقًا لَهَا مَنْعَهُ مِنْ مَالِهِ خَوْفَ أَنْ يَفْتَقِرَ فَيَبْطُلُ حَقُّهَا اللَّازِمُ؟ فَأُبْعِدَ وَاَللَّهِ وَأُبْطِلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُوجِبًا لَهُ مَنْعَهَا مِنْ مَالٍ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ، وَلَا حَظَّ إلَّا حَظُّ الْفِيلِ مِنْ الطَّيَرَانِ.

وَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ مِنْ إطْلَاقِهِمْ لَهُ الْمَنْعَ مِنْ مَالِهَا أَوْ مِنْ شَيْءٍ مِنْهُ - وَهُوَ لَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>