رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الْعَبْدِ وَهُوَ آبِقٌ، وَعَنْ أَنْ تُبَاعَ الْمَغَانِمُ قَبْلَ أَنْ تُقْسَمَ، وَعَنْ بَيْعِ الصَّدَقَاتِ قَبْلَ أَنْ تُقْبَضَ» .
وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا حَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ عَنْ جَهْضَمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ الْبَاهِلِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ شِرَاءِ مَا فِي بُطُونِ الْأَنْعَامِ حَتَّى تَضَعَ، وَعَنْ مَا فِي ضُرُوعِهَا إلَّا بِكَيْلٍ، وَعَنْ شِرَاءِ الْعَبْدِ الْآبِقِ، وَعَنْ شِرَاءِ الْمَغَانِمِ حَتَّى تُقْسَمَ، وَعَنْ شِرَاءِ الصَّدَقَاتِ حَتَّى تُقْبَضَ، وَعَنْ ضَرْبَةِ الْغَائِصِ» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: جَهْضَمٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ الْعَبْدِيُّ: مَجْهُولُونَ، وَشَهْرٌ مَتْرُوكٌ - ثُمَّ لَوْ صَحَّحُوهُ فَهُوَ دَمَارٌ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ مُخَالِفُونَ لِمَا فِيهِ، وَكُلُّهُمْ - يَعْنِي الْحَاضِرِينَ مِنْ خُصُومِنَا - يُجِيزُونَ بَيْعَ الْأَجِنَّةِ فِي بُطُونِ الْأُمَّهَاتِ مَعَ الْأُمَّهَاتِ.
وَالْمَالِكِيُّونَ يُجِيزُونَ بَيْعَ اللَّبَنِ الَّذِي لَمْ يُخْلَقْ بَعْدُ وَاَلَّذِي فِي الضُّرُوعِ بِغَيْرِ كَيْلٍ لَكِنْ شَهْرَيْنِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ.
وَيُجِيزُونَ شِرَاءَ الْمَغَانِمِ قَبْلَ أَنْ تُقْسَمَ بَلْ هُوَ الْوَاجِبُ عِنْدَهُمْ وَالْأَوْلَى؟ وَالْحَنَفِيُّونَ يُجِيزُونَ أَخْذَ الْقِيمَةِ عَنْ الصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ - وَهَذَا هُوَ بَيْعُ الصَّدَقَةِ قَبْلَ أَنْ تُقْبَضَ، وَهَذَا بَيْعُ الْغَرَرِ حَقًّا؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا بَاعَ وَلَا أَيَّهَا بَاعَ، وَلَا قِيمَةَ مَاذَا أَخَذَ -: فَهُوَ أَكْلُ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ حَقًّا، وَالْغَرَرُ حَقًّا، وَالْحَرَامُ حَقًّا.
وَاحْتَجُّوا بِخَبَرٍ فِيهِ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ - وَهُوَ ضَعِيفٌ - فِيهِ النَّهْي عَنْ بَيْعِ السَّمَكِ فِي الْمَاءِ، ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمَا كَانَ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ نَهْيًا عَنْ بَيْعِهِ قَبْلَ أَنْ يُصَادَ - وَهَكَذَا نَقُولُ، كَمَا حَمَلُوا خَبَرَهُمْ فِي النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْآبِقِ عَلَى أَنَّهُ فِي حَالِ إبَاقِهِ: لَا، وَهُوَ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ.
وَمِنْ عَجَائِبِ الدُّنْيَا احْتِجَاجُهُمْ بِخَبَرِهِمْ أَوَّلُ مُخَالِفٍ لَهُ، وَحَرَّمُوا بِهِ مَا لَيْسَ فِيهِ مِنْ بَيْعِ الْجَمَلِ الشَّارِدِ؟ فَإِنْ قَالُوا: قِسْنَا الْجَمَلَ الشَّارِدَ عَلَى الْعَبْدِ الْآبِقِ؟ قُلْنَا: الْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ، ثُمَّ نَقُولُ لِلْحَنَفِيِّينَ: هَلَّا قِسْتُمْ الْجَمَلَ الشَّارِدَ فِي إيجَابِ الْجُعْلِ فِيهِ عَلَى الْجُعْلِ فِي الْعَبْدِ الْآبِقِ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute