للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بُرْهَانَ عَلَى صِحَّتِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، إذْ الشَّرَائِعُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَى أَحَدٍ حَتَّى يُوجِبَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَأَمَّا مَنْ حَدَّ ذَلِكَ بِجُفُوفِ الْمَاءِ فَخَطَأٌ ظَاهِرٌ، لِأَنَّهُ دَعْوَى بِلَا بُرْهَانٍ، وَمَا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَأَيْضًا فَإِنَّ فِي الصَّيْفِ فِي الْبِلَادِ الْحَارَّةِ لَا يُتِمُّ أَحَدٌ وُضُوءَهُ حَتَّى يَجِفَّ وَجْهُهُ، وَلَا يَصِحُّ وُضُوءٌ عَلَى هَذَا. وَأَمَّا مَنْ حَدَّ فِي ذَلِكَ بِمَا دَامَ فِي طَلَبِ الْمَاءِ، فَقَوْلٌ أَيْضًا لَا دَلِيلَ عَلَى صِحَّتِهِ، وَالدَّعْوَى لَا يَعْجِزُ عَنْهَا أَحَدٌ، وَالْعَجَبُ أَنَّ مَالِكًا يُجِيزُ أَنْ يَجْعَلَ الْمَرْءُ إذَا رَعَفَ بَيْنَ أَجْزَاءِ صَلَاتِهِ مُدَّةً وَعَمَلًا لَيْسَ مِنْ الصَّلَاةِ، ثُمَّ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ فِي الْوُضُوءِ.

قَالَ عَلِيٌّ: فَإِنْ تَعَلَّقَ بَعْضُهُمْ بِخَبَرٍ رُوِّينَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ طَرِيقِ بَقِيَّةَ عَنْ بَحِيرٍ عَنْ خَالِدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَفِي قَدِمَهُ لُمْعَةٌ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ، فَأَمَرَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ» فَإِنَّ هَذَا خَبَرٌ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ رَاوِيَهُ بَقِيَّةُ، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَفِي السَّنَدِ مَنْ لَا يَدْرِي مَنْ هُوَ، وَرُوِّينَا أَيْضًا عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَقَدْ تَرَكَ مِنْ رِجْلِهِ مَوْضِعَ ظُفْرٍ فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ.

قَالَ عَلِيٌّ: أَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ عُمَرَ أَيْضًا فَلَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ أَبَا قِلَابَةَ لَمْ يُدْرِكْ عُمَرَ، وَأَبُو سُفْيَانَ ضَعِيفٌ.

وَقَدْ جَاءَ أَثَرٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا، رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ قَاسِمِ بْنِ أَصْبَغَ ثنا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنْ حَرْمَلَةَ بْنِ يَحْيَى ثنا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَاهُ وَقَدْ تَوَضَّأَ وَتَرَكَ مَوْضِعَ الظُّفْرِ لَمْ يُصِبْهُ الْمَاءُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ» وَعَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عُمَرَ مِثْلُ هَذَا أَيْضًا.

قَالَ عَلِيٌّ: لَا يَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ خِلَافُ فِعْلِ عُمَرَ هَذَا، فَقَدْ خَالَفُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>