أَنَا أَبُو أُسَامَةَ - هُوَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ - أَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ فَذَكَرَتْ حَدِيثًا قَالَتْ فِيهِ «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَمَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ كِتَابُ اللَّهِ أَحَقُّ وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ» وَذَكَرَ بَاقِيَ الْخَبَرِ.
وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا جَمِيعًا: نا اللَّيْثُ هُوَ ابْنُ سَعْدٍ - عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: إنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبَرَتْهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ فَقَالَ: مَا بَالُ أُنَاسٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَنْ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَلَيْسَ لَهُ وَإِنْ اشْتَرَطَ مِائَةَ مَرَّةٍ، شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ وَأَوْثَقُ» .
فَهَذَا الْأَثَرُ كَالشَّمْسِ صِحَّةً وَبَيَانًا يَرْفَعُ الْإِشْكَالَ كُلَّهُ.
فَلَمَّا كَانَتْ الشُّرُوطُ كُلُّهَا بَاطِلَةً - غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا - كَانَ كُلُّ عَقْدٍ مِنْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ: عُقِدَ عَلَى شَرْطٍ بَاطِلٍ بَاطِلًا وَلَا بُدَّ؛ لِأَنَّهُ عُقِدَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِصِحَّةِ الشَّرْطِ، وَالشَّرْطُ لَا صِحَّةَ لَهُ، فَلَا صِحَّةَ لِمَا عُقِدَ بِأَنْ لَا صِحَّةَ لَهُ إلَّا بِصِحَّةِ مَا لَا يَصِحُّ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَأَمَّا تَصْحِيحُنَا الشُّرُوطَ السَّبْعَةَ الَّتِي ذَكَرْنَا، فَإِنَّهَا مَنْصُوصٌ عَلَى صِحَّتِهَا، وَكُلُّ مَا نَصَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِ فَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ تَعَالَى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤] .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: ٣] {إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٤] .
وَقَالَ تَعَالَى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: ٨٠] .
فَأَمَّا اشْتِرَاطُ الرَّهْنِ فِي الْبَيْعِ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: ٢٨٣] .
وَأَمَّا اشْتِرَاطُ الثَّمَنِ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: ٢٨٢] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute