للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«وَنَهْيُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ النَّجْشِ فِي الْبَيْعِ» : بُرْهَانٌ صَحِيحٌ عَلَى قَوْلِنَا هَهُنَا؛ لِأَنَّهُ نَهَى بِذَلِكَ عَنْ الْغُرُورِ - وَالْخَدِيعَةِ فِي الْبَيْعِ جُمْلَةً، بِلَا شَكٍّ يَدْرِي النَّاسُ كُلُّهُمْ: أَنَّ مَنْ أَخَذَ مِنْ آخَرَ فِيمَا يَبِيعُ مِنْهُ أَكْثَرَ مِمَّا يُسَاوِي بِغَيْرِ عِلْمِ الْمُشْتَرِي وَلَا رِضَاهُ، وَمَنْ أَعْطَاهُ آخَرُ فِيمَا يَشْتَرِي مِنْهُ أَقَلَّ مِمَّا يُسَاوِي بِغَيْرِ عِلْمِ الْبَائِعِ وَلَا رِضَاهُ فَقَدْ غَشَّهُ وَلَمْ يَنْصَحْهُ، وَمَنْ غَشَّ وَلَمْ يَنْصَحْ فَقَدْ أَتَى حَرَامًا.

وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» .

فَصَحَّ أَنَّهُ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ بِنَصِّ أَمْرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَهُوَ قَوْلُ السَّلَفِ -: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ أَنَا أَيُّوبُ، وَهِشَامٌ - هُوَ ابْنُ حَسَّانٍ - كُلُّهُمْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ: أَنَّ رَجُلًا قَدِمَ الْمَدِينَةَ بِجَوَارٍ فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ عُمَرَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ - وَفِيهِ أَنَّهُ بَاعَ جَارِيَةً مِنْ ابْنِ جَعْفَرٍ، ثُمَّ جَاءَ الرَّجُلُ إلَى ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ غُبِنْت بِسَبْعِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَأَتَى ابْنُ عُمَرَ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ فَقَالَ: إنَّهُ غُبِنَ بِسَبْعِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَإِمَّا أَنْ تُعْطِيَهَا إيَّاهُ وَإِمَّا أَنْ تَرُدَّ عَلَيْهِ بَيْعَهُ؟ فَقَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ: بَلْ نُعْطِيهَا إيَّاهُ - فَهَذَا ابْنُ جَعْفَرٍ، وَابْنُ عُمَرَ: قَدْ رَأَيَا رَدَّ الْبَيْعِ مِنْ الْغَبْنِ فِي الْقِيمَةِ.

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ نا مَعْمَرٌ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ: أَنَّهُ سَاوَمَ رَجُلًا بِفَرَسٍ فَسَامَهُ، فَسَامَهُ الرَّجُلُ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ إنْ رَأَيْت ذَلِكَ؟ فَقَالَ لَهُ جَرِيرٌ: فَرَسُك خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ، وَلَك سِتُّمِائَةٍ حَتَّى بَلَغَ ثَمَانَمِائَةٍ، وَهُوَ يَقُولُ: إنْ رَأَيْت ذَلِكَ؟ فَقَالَ جَرِيرٌ: فَرَسُك خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ، وَلَك سِتُّمِائَةٍ حَتَّى بَلَغَ سِتَّمِائَةٍ حَتَّى بَلَغَ ثَمَانَمِائَةٍ، وَهُوَ يَقُولُ: إنْ رَأَيْت ذَلِكَ؟ فَقَالَ جَرِيرٌ: فَرَسُك خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا أَزِيدُك؟ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: خُذْهَا؟ فَقِيلَ لَهُ: مَا مَنَعَك أَنْ تَأْخُذَهَا بِخَمْسِمِائَةٍ؟ فَقَالَ جَرِيرٌ: لِأَنَّا بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَنْ لَا نَغُشَّ أَحَدًا؛ أَوْ قَالَ: مُسْلِمًا - وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ لَيْسَ لِي غِشٌّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>