للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ أَنَا أَبُو هِلَالٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ: كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُتَلَقَّى الْجَلَبُ خَارِجَ الْبَلَدِ فَإِذَا تُلُقِّيَ الْجَلَبُ خَارِجًا مِنْ الْبَلَدِ فَرَبُّ الْجَلَبِ بِالْخِيَارِ إذَا قَدِمَ إنْ شَاءَ بَاعَ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ، وَهَذَا أَيْضًا نَصُّ قَوْلِنَا.

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيّ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَا تَلَقُّوا الْبُيُوعَ بِأَفْوَاهِ السِّكَكِ.

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ عَنْ إيَاسِ بْنِ دَغْفَلٍ: قُرِئَ عَلَيْنَا كِتَابُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ -: لَا تَلَقُّوا الرُّكْبَانَ.

وَمِمَّنْ نَهَى عَنْ تَلَقِّي الرُّكْبَانِ الْجَالِبِينَ جُمْلَةً: اللَّيْثُ، وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابُهُمْ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ: بِإِيجَابِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ إذَا قَدِمَ السُّوقَ - وَنَهَى عَنْهُ الْأَوْزَاعِيُّ إنْ كَانَ بِالنَّاسِ إلَيْهِ حَاجَةٌ.

وَأَبَاحَهُ أَبُو حَنِيفَةَ جُمْلَةً، إلَّا أَنَّهُ كَرِهَهُ إنْ أَضَرَّ ذَلِكَ بِأَهْلِ الْبَلَدِ دُونَ أَنْ يَحْظُرَهُ، وَأَجَازَهُ بِكُلِّ حَالٍ - وَهَذَا خِلَافٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَخِلَافُ صَاحِبَيْنِ لَا يُعْرَفُ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ، وَهُمْ يُعَظِّمُونَ مِثْلَ هَذَا إذَا وَافَقَ تَقْلِيدَهُمْ.

وَمَا نَعْلَمُ لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي هَذَا الْقَوْلِ أَحَدًا قَالَهُ قَبْلَهُ.

وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلتِّجَارَةِ خَاصَّةً، وَيُؤَدَّبُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي نَوَاحِي الْمِصْرِ فَقَطْ - وَلَا بَأْسَ بِالتَّلَقِّي لِابْتِيَاعِ الْقُوتِ مِنْ الطَّعَامِ وَالْأُضْحِيَّةِ.

وَهَذِهِ تَقَاسِيمُ مُخَالِفَةٌ لِلسُّنَّةِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ، وَلَا نَعْلَمُهَا عَنْ أَحَدٍ قَبْلَ مَالِكٍ أَصْلًا.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَحُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْخِيَارِ لِلْبَائِعِ بَيَانٌ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ إلَّا أَنَّ لِلْبَائِعِ خِيَارًا فِي رَدِّهِ أَوْ إمْضَائِهِ، وَالْخِيَارُ لَا يَكُونُ أَلْبَتَّةَ وَلَا يَجُوزُ إلَّا لِمَنْ جَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ، وَمَنْ جَعَلَهُ يُورَثُ فَقَدْ تَعَدَّى مَا حَدَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَيْسَ الْخِيَارُ مَالًا يُورَثُ، وَلَوْ وُرِثَ لَكَانَ لِأَهْلِ الْوَصِيَّةِ مِنْهُ نُصِيبُهُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>