قَوْلُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ صَحَّ عَنْهُ ذَلِكَ، وَرُوِيَ - وَلَمْ يَصِحَّ - عَنْ الْقَاسِمِ، وَسَالِمٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ.
وَصَحَّ عَنْ رَبِيعَةَ، وَأَبِي الزِّنَادِ، وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، قَالُوا: فَهَؤُلَاءِ، عُمَرُ، وَسَعْدٌ، وَمُعَيْقِيبٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَمَعْمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: خَمْسَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.
قَالَ عَلِيٌّ: وَجَسَرَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: لَا يُعْرَفُ لَهُمْ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ -.
وَجَسَرَ آخَرُ مِنْهُمْ فَادَّعَى إجْمَاعَ السَّلَفِ فِي ذَلِكَ؟
قَالَ عَلِيٌّ: مَا لَهُمْ حُجَّةٌ غَيْرُ هَذَا أَصْلًا.
فَأَمَّا حَدِيثُ مَعْمَرٍ فَهُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ يُسَمُّونَ التَّمْرَ طَعَامًا وَيُبِيحُونَ فِيهِ التَّفَاضُلَ بِالْبُرِّ، فَقَدْ خَالَفُوا الْحَدِيثَ عَلَى تَأْوِيلِهِمْ بِإِقْرَارِهِمْ، وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ أَصْلًا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَهَذَا مِمَّا لَا نُخَالِفُهُمْ فِيهِ وَفِي جَوَازِهِ، وَلَيْسَ فِيهِ: أَنَّ الطَّعَامَ لَا يَجُوزُ بِالطَّعَامِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، بَلْ هَذَا مَسْكُوتٌ عَنْهُ جُمْلَةً فِي خَبَرِ مَعْمَرٍ، وَمَنْصُوصٌ عَلَى جَوَازِهِ فِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعُبَادَةَ: عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهِ جُمْلَةً، وَعَادَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ.
وَأَمَّا قَوْلُ مَعْمَرٍ مِنْ رَأْيِهِ فَلَا مُتَعَلَّقَ لَهُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ الشَّعِيرَ لَيْسَ مِثْلَ الْقَمْحِ، لَكِنْ تَخَوَّفَ أَنْ يُضَارِعَهُ فَتَرَكَهُ احْتِيَاطًا لَا إيجَابًا.
وَأَمَّا عَنْ عُمَرَ فَمُنْقَطِعٌ، وَكَذَلِكَ عَنْ مُعَيْقِيبٍ.
وَكَمْ قِصَّةٍ خَالَفُوا فِيهَا عُمَرَ، وَسَعْدًا، وَأَكْثَرَ مِنْ هَذَا الْعَدَدِ مِنْ الصَّحَابَةِ كَالْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ، وَعَلَى الْجَوْرَبَيْنِ، وَالْقَوَدِ مِنْ الضَّرْبَةِ، وَاللَّطْمَةِ - وَغَيْرِ ذَلِكَ فِي كَثِيرٍ لَا يُعْرَفُ لَهُمْ فِيهِ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، نَعَمْ، وَمَعَهُمْ السُّنَنُ الثَّابِتَةُ. وَقَدْ خَالَفَ مَنْ ذَكَرْنَا طَائِفَةً مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -:
كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ: أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ قَالَ: لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْحِنْطَةِ بِالشَّعِيرِ - وَالشَّعِيرُ أَكْثَرُ مِنْهُ - يَدًا بِيَدٍ، وَلَا يَصْلُحُ نَسِيئَةً - فَهَذَا عُبَادَةُ أَسْنَدَهُ وَأَفْتَى بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute