للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ عَلِيٌّ: فَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ مُتَعَلِّقٌ أَصْلًا - وَمِنْ الْبُرْهَانِ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ وَالْمُدَبَّرَةِ: قَوْلُ اللَّهِ - تَعَالَى -: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: ٢٧٥] .

وقَوْله تَعَالَى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: ١١٩] .

فَصَحَّ أَنَّ بَيْعَ كُلِّ مُتَمَلَّكٍ جَائِزٌ إلَّا مَا فَصَّلَ لَنَا تَحْرِيمَ بَيْعِهِ، وَلَمْ يُفَصِّلْ لَنَا تَحْرِيمَ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ، وَالْمُدَبَّرَةِ، فَبَيْعُهُمَا حَلَالٌ.

وَمِنْ السُّنَّةِ: مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ أَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، كِلَاهُمَا عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَاعَ الْمُدَبَّرَ» .

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: «دَبَّرَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ غُلَامًا لَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَنْ يَبْتَاعُهُ مِنِّي؟ فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ جَابِرٌ: غُلَامٌ قِبْطِيًّا مَاتَ عَامَ أَوَّلَ فِي إمَارَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ» .

وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ، وَأَيُّوبَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ جَابِرٍ -: فَهَذَا أَثَرٌ مَشْهُورٌ مَقْطُوعٌ بِصِحَّتِهِ بِنَقْلِ التَّوَاتُرِ، وَأَمْرٌ كَانَ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كُلُّهُمْ مُسَلِّمٌ رَاضٍ، فَلَوْ ادَّعَى الْمُسْلِمُ هَهُنَا الْإِجْمَاعَ لَمَا أَبْعَدَ، لَا كَدَعَاوِيهِمْ الْكَاذِبَةِ؟ فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْكَذِبِ: بَيْعٌ فِي دَيْنٍ، وَإِلَّا فَلِأَيِّ وَجْهٍ بِيعَ؟ فَقُلْنَا: كَذَبْتُمْ وَأَفَكْتُمْ، وَإِنَّمَا بِيعَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِمُدَبِّرِهِ مَالٌ غَيْرُهُ، فَلِهَذَا بَاعَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَأَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ فَبَيْعُهُ مُبَاحٌ لَا وَاجِبٌ كَسَائِرِ مَنْ تَمَلَّكَ.

وَمِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ أَنَّهُ صَحَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ قَبْل أَنْ يُدَبَّرَ، فَمَنْ مَنَعَ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ يُدَبَّرَ فَقَدْ أَبْطَلَ وَادَّعَى مَا لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ.

وَمِنْ طَرِيقِ الْقِيَاسِ الَّذِي لَوْ صَحَّ الْقِيَاسُ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَصَحَّ مِنْ هَذَا، وَهُوَ أَنَّ الْمُعْتَقَ بِصِفَةٍ لَا يَدْرِي أَيُدْرِكُهَا الْمُعْتَقُ بِهَا أَمْ لَا؟ وَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ: لَا يَخْتَلِفُونَ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ قَبْلَ مَجِيءِ تِلْكَ الصِّفَةِ، وَالْمُدَبَّرُ مُوصًى بِعِتْقِهِ، كِلَاهُمَا مِنْ الثُّلُثِ فَوَاجِبٌ إنْ صَحَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>