للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَأَنْ يُمْسِكَ أَحَدُكُمْ جَمْرَةً حَتَّى تُطْفَى خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّهَا، لَوْلَا أَنْ تَكُونَ سُنَّةً لَضَرَبْت بِهَا وُجُوهَكُمْ - ثُمَّ أَمَرَ بِهِمْ فَحُبِسُوا.

هَذَا مُنْقَطِعٌ، وَفِيهِ ابْنُ حَبِيبٍ - مَا نَعْلَمُ لَهُمْ شَيْئًا غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا.

وَالْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ أَهُوَ مِنْ الْحَقِّ أَمْ مِنْ الْبَاطِلِ؟ كَجَوَابِنَا فِي الْغِنَاءِ وَلَا فَرْقَ - وَبِاَللَّهِ - تَعَالَى - التَّوْفِيقُ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَلَمَّا لَمْ يَأْتِ عَنْ اللَّهِ - تَعَالَى -، وَلَا عَنْ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَفْصِيلٌ بِتَحْرِيمِ شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا صَحَّ أَنَّهُ كُلُّهُ حَلَالٌ مُطْلَقٌ، فَكَيْفَ وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ أَنَا عَمْرُو - هُوَ ابْنُ الْحَارِثِ - أَنَا ابْنُ شِهَابٍ حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ وَتَضْرِبَانِ - وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسَجًّى بِثَوْبِهِ - فَانْتَهَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ، فَكَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجْهَهُ وَقَالَ: دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ» .

وَبِهِ أَيْضًا إلَى عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - هُوَ أَبُو الْأَسْوَدِ - حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ " قَالَتْ: «دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثٍ فَاضْطَجَعَ عَلَى الْفِرَاشِ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ لِي: أَمِزْمَارُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: دَعْهُمَا» .

فَإِنْ قِيلَ: قَدْ رَوَيْتُمْ هَذَا الْخَبَرَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَقَالَ فِيهِ: وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، وَلَكِنَّهَا قَدْ قَالَتْ: إنَّهُمَا كَانَتَا تُغَنِّيَانِ، فَالْغِنَاءُ مِنْهُمَا قَدْ صَحَّ، وَقَوْلُهَا " لَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ " أَيْ لَيْسَتَا بِمُحْسِنَتَيْنِ.

وَهَذَا كُلُّهُ لَا حُجَّةَ فِيهِ، إنَّمَا الْحُجَّةُ فِي إنْكَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَبِي بَكْرٍ قَوْلَهُ: أَمِزْمَارُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فَصَحَّ أَنَّهُ مُبَاحٌ مُطْلَقٌ، لَا كَرَاهِيَةَ فِيهِ، وَأَنَّ مَنْ أَنْكَرَهُ فَقَدْ أَخْطَأَ بِلَا شَكٍّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>