للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَيْبٌ عِنْدَهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فَلَا رَدَّ لَهُ، لَكِنْ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ - وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ حَمَّادٍ.

وَذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ مِنْهُمْ الطَّحَاوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ، إلَى أَنَّهُ لَا يَرُدُّهُ، وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ.

وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ -: أَحَدُهُمَا: كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَابْنِ شُبْرُمَةَ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَرُدُّهُ وَيَرُدُّ مَعَهُ قِيمَةَ مَا حَدَثَ عِنْدَهُ مِنْ الْعَيْبِ - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ، وَأَحَدُ قَوْلَيْ حَمَّادٍ.

وَقَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ: هُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّهُ، وَيَرُدَّ مَعَهُ قَدْرَ مَا حَدَثَ عِنْدَهُ، وَبَيْنَ أَنْ يُمْسِكَهُ وَيَرْجِعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ.

وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ الْعَيْبُ الَّذِي حَدَثَ عِنْدَهُ مُفْسِدًا فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ وَيَرُدُّ قِيمَةَ مَا حَدَثَ عِنْدَهُ، وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ خَفِيفًا رَدَّهُ وَلَمْ يَرُدَّ مَعَهُ شَيْئًا - وَهَذَا قَوْلٌ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَهُ قَبْلَهُ - يَعْنِي هَذَا التَّقْسِيمَ - وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ هَهُنَا خِلَافُ مَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ، وَابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا عَنْ الصَّحَابَةِ قَوْلًا غَيْرَهُ.

وَقَدْ أَبَاحَ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الرَّدَّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ اللِّبَاسِ، وَاللِّبَاسُ يُخْلِقُ الثَّوْبَ، وَلَيْسَ امْتِنَاعُ ابْنِ عُمَرَ مِنْ الرَّدِّ مِنْ أَجْلِ الصُّفْرَةِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُجِزْ الرَّدَّ، وَقَدْ يَتْرُكُ ذَلِكَ اخْتِيَارًا مَعَ أَنَّ الصُّفْرَةَ لَيْسَتْ عَيْبًا؛ لِأَنَّهَا تَزُولُ سَرِيعًا بِالْمَسْحِ، وَبِالْغَسْلِ لِلْقَمِيصِ.

وَأَمَّا مَا عَيْبُهُ فِي جَوْفِهِ فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ وَهُوَ مِنْ الْمُشْتَرِي، كَالْبَيْضِ، وَالْخَشَبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

وَأَوْجَبَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ: الرُّجُوعَ بِحُكْمِ مَا فِي ذَلِكَ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: مَا نَعْلَمُ لِمَالِكٍ سَلَفًا، وَلَا حُجَّةً فِي هَذِهِ الْقَوْلَةِ، وَمَا فِي الْعَجَبِ وَالْعَكْسِ أَعْجَبُ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَنْ بَاعَ بَيْضًا فَوَجَدَهُ فَاسِدًا أَوْ خَشَبًا فَوَجَدَهُ مُسَوِّسَ الدَّاخِلِ: أَنَّ الثَّمَنَ كُلَّهُ لِلْبَائِعِ، وَلَا شَيْءَ لِلْمُشْتَرِي عَلَيْهِ - وَهُوَ قَدْ بَاعَهُ شَيْئًا فَاسِدًا، وَأَكَلَ مَالَ أَخِيهِ بِالْبَاطِلِ ثُمَّ يَقُولُ: مَنْ بَاعَ عَبْدًا فَمَاتَ، أَوْ قُتِلَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، أَوْ هَرَبَ فِيهِ، أَوْ اعْوَرَّتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>