للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِإِبْطَالِ كُلِّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى - فَوَضَحَ الْأَمْرُ فِي بُطْلَانِ هِبَةِ الثَّوَابِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَقَالَ مَنْ أَجَازَهَا: هِيَ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَجُوزُ بِغَيْرِ ثَمَنٍ مَذْكُورٍ، وَلَا بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ، وَهِبَةُ الثَّوَابِ لَمْ يُذْكَرْ ثَوَابُهَا، وَلَا عُرِفَ، فَهِيَ إنْ كَانَتْ بَيْعًا فَهِيَ بَيْعٌ فَاسِدٌ حَرَامٌ خَبِيثٌ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيْعًا فَقَدْ بَطَلَ حُكْمُهُمْ لَهَا بِحُكْمِ الْبَيْعِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى نَتَأَيَّدُ.

وَلَهُمْ هَاهُنَا تَخَالِيطُ شَنِيعَةٌ -: مِنْهَا: أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: كُلُّ هِبَةٍ وَقَعَتْ عَلَى اشْتِرَاطِ عِوَضٍ مَعْلُومٍ فَهِيَ وَعِوَضُهَا فِي حُكْمِ الْهِبَةِ مَا لَمْ يَتَقَابَضَا الْهِبَةَ وَعِوَضَهَا.

وَلَا تَجُوزُ فِي مُشَاعٍ فَإِذَا تَقَابَضَا ذَلِكَ حَلَّا مَحَلَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الرَّدُّ بِالْعَيْبِ، وَلَا رُجُوعَ لَهُمَا بَعْدَ التَّقَابُضِ - فَهَلَّا سُمِعَ بِأَفْسَدَ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ أَنْ تَكُونَ هِبَةٌ تَنْقَلِبُ بَيْعًا هَكَذَا مُطَارَفَةً بِشَرْعِ أَبِي حَنِيفَةَ الَّذِي لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى؟ وَأَجَازُوا هَذِهِ الْهِبَةَ وَهَذَا الشَّرْطَ.

ثُمَّ قَالُوا: مَنْ وَهَبَ لِآخَر هِبَةً عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ ثُلُثَهَا أَوْ رُبُعَهَا أَوْ بَعْضَهَا أَوْ عَلَى أَنْ يُعَوِّضَهُ ثُلُثَهَا أَوْ رُبُعَهَا أَوْ بَعْضَهَا - أَوْ وَهَبَ لَهُ جَارِيَةً عَلَى أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى أَنْ يَتَّخِذَهَا أُمَّ وَلَدٍ، أَوْ عَلَى أَنْ يَعْتِقَهُمَا، فَقَبَضَهَا فَالْهِبَةُ فِي كُلِّ ذَلِكَ جَائِزَةٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ.

فَمَرَّةً جَازَ الشَّرْطُ وَالْهِبَةُ، وَمَرَّةً جَازَتْ الْهِبَةُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ - فَهَلْ فِي التَّحَكُّمِ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا؟ وَقَالَ مَالِكٌ: الْهِبَةُ عَلَى ثَلَاثَةٍ أَوْجُهٍ -: أَحَدُهُمَا - هِبَةٌ لِذِي رَحِمٍ عَلَى الصِّلَةِ، وَهِبَةُ الْوَالِدَيْنِ لِلْوَلَدِ، وَهِبَةٌ لِلثَّوَابِ.

فَهِبَةُ الثَّوَابِ يَرْجِعُ فِيهَا عَلَى مَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - وَهَذَا تَقْسِيمٌ لَا دَلِيلَ بِصِحَّتِهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

١٦٣٠ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ وَهَبَ هِبَةً سَالِمَةً مِنْ شَرْطِ الثَّوَابِ، أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ أَعْطَى عَطِيَّةً كَذَلِكَ، أَوْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةِ كَذَلِكَ، فَقَدْ تَمَّتْ بِاللَّفْظِ - وَلَا مَعْنَى لِحِيَازَتِهَا، وَلَا لِقَبْضِهَا - وَلَا يُبْطِلُهَا تَمَلُّكُ الْوَاهِبِ لَهَا، أَوْ الْمُتَصَدِّقِ بِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>