رَقِيقِهِمْ، وَلَا فِي غَيْرِ وَلَدٍ، بَلْ لَهُ أَنْ يُفَضِّلَ بِمَالِهِ كُلَّ مَنْ أَحَبَّ، فَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ كَمَا أَعْطَاهُمْ، أَوْ يُشْرِكَهُمْ فِيمَا أَعْطَاهُمْ، وَإِنْ تَغَيَّرَتْ عَيْنُ الْعَطِيَّةِ - مَا لَمْ يَمُتْ أَحَدُهُمْ - فَيَصِيرُ مَالُهُ لِغَيْرِهِ، فَعَلَى الْأَبِ حِينَئِذٍ أَنْ يُعْطِيَ هَذَا الْوَلَدَ، كَمَا أَعْطَى غَيْرَهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أُعْطِيَ مِمَّا تَرَكَ أَبُوهُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ مِثْلَ ذَلِكَ.
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جُمْهُورِ السَّلَفِ -: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَسَمَ مَالَهُ بَيْنَ بَنِيهِ فِي حَيَاتِهِ فَوُلِدَ لَهُ بَعْدَ مَا مَاتَ فَلَقِيَ عُمَرُ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ: مَا نِمْت اللَّيْلَةَ مِنْ أَجْلِ ابْنِ سَعْدٍ هَذَا الْمَوْلُودُ لَمْ يُتْرَكْ لَهُ شَيْءٌ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَنَا وَاَللَّهِ، فَانْطَلِقْ بِنَا إلَى قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ نُكَلِّمُهُ فِي أَخِيهِ، فَأَتَيْنَاهُ فَكَلَّمْنَاهُ فَقَالَ قَيْسٌ: أَمَّا شَيْءٌ أَمْضَاهُ سَعْدٌ فَلَا أَرُدُّهُ أَبَدًا، وَلَكِنْ أُشْهِدُكُمَا أَنَّ نَصِيبِي لَهُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قَدْ زَادَ قَيْسٌ عَلَى حَقِّهِ، وَإِقْرَارُ أَبِي بَكْرٍ لِتِلْكَ الْقِسْمَةِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ اعْتِدَالِهَا.
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ قَالَ لِعَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ: يَا بُنَيَّةُ، إنِّي نَحَلْتُك نَخْلًا مِنْ خَيْبَرَ، وَإِنِّي أَخَافُ أَنْ أَكُونَ آثَرْتُك عَلَى وَلَدِي، وَإِنَّك لَمْ تَكُونِي احْتَزْتِيهِ، فَرُدِّيهِ عَلَى وَلَدِي؟ فَقَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ، لَوْ كَانَتْ لِي خَيْبَرُ بِجِدَادِهَا ذَهَبًا لَرَدَدْتُهَا.
وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْجَهْمِ نا إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ نا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ نا إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ هُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ - عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ حَكِيم بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِيهِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ أَنَّ أَبَاهُ حَيْدَةَ كَانَ لَهُ بَنُونَ لِعَلَّاتٍ أَصَاغِرُ وَلَدِهِ، وَكَانَ لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ فَجَعَلَهُ لِبَنِي عَلَّةٍ وَاحِدَةٍ، فَخَرَجَ ابْنُهُ مُعَاوِيَةُ حَتَّى قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، فَخَيَّرَ عُثْمَانُ الشَّيْخَ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ إلَيْهِ مَالَهُ وَبَيْنَ أَنْ يُوَزِّعَهُ بَيْنَهُمْ؟ فَارْتَدَّ مَالُهُ، فَلَمَّا مَاتَ تَرَكَهُ الْأَكَابِرُ لِإِخْوَتِهِمْ.
وَبِهِ إلَى إبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيِّ نا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ نا حَمَّادُ هُوَ ابْنُ سَلَمَةَ - عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute