للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: لَا، قَالَ: اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلَادِكُمْ - فَرَجَعَ أَبِي فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ» .

وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ نا أَبُو حَيَّانَ هُوَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ التَّيْمِيُّ - عَنْ الشَّعْبِيِّ حَدَّثَنِي النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ، فَذَكَرَ هَذَا الْخَبَرَ، وَفِيهِ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «فَلَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ» .

فَكَانَتْ هَذِهِ الْآثَارُ مُتَوَاتِرَةً مُتَظَاهِرَةً: الشَّعْبِيُّ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ، وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، كُلُّهُمْ سَمِعَهُ مِنْ النُّعْمَانِ.

وَرَوَاهُ عَنْ هَؤُلَاءِ الْحُفَلَاءُ مِنْ الْأَئِمَّةِ كُلِّهِمْ مُتَّفِقٌ عَلَى أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِفَسْخِ تِلْكَ الصَّدَقَةِ وَالْعَطِيَّةِ وَرَدِّهَا، وَبَيَّنَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا رُدَّتْ، وَأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَخْبَرَ أَنَّهَا جَوْرٌ، وَالْجَوْرُ لَا يَحِلُّ إمْضَاؤُهُ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَجَازَ إمْضَاءُ كُلِّ جَوْرٍ وَكُلِّ ظُلْمٍ، وَهَذَا هَدْمُ الْإِسْلَامِ جِهَارًا.

فَوَجَدْنَا الْمُخَالِفِينَ قَدْ تَعَلَّلُوا بِهَذَا فِي هَذَا بِأَنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ وَهَبَهُ جَمِيعَ مَالِهِ.

فَقُلْنَا: سُبْحَانَ اللَّهِ فِي نَصِّ الْحَدِيثِ " بَعْضَ مَالِهِ " وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الثَّابِتَةِ " بَعْضَ الْمَوْهِبَةِ مِنْ مَالِهِ ".

وَقَالَ آخَرُونَ: رَوَى هَذَا الْخَبَرَ دَاوُد بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ النُّعْمَانِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِبَشِيرٍ: فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي، أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا أُولَئِكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءٌ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَلَا إذًا» .

وَرَوَاهُ الْمُغِيرَةُ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ النُّعْمَانِ، وَقَالَ فِيهِ «فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي» ؟ فَقُلْنَا: هَذَا حُجَّةٌ عَلَيْكُمْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - " فَلَا إذًا " نَهْيٌ صَحِيحٌ كَافٍ لِمَنْ عَقَلَ.

وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي» لَوْ لَمْ يَأْتِ إلَّا هَذَا اللَّفْظُ لَمَا كَانَ لَكُمْ فِيهِ مُتَعَلَّقٌ.

وَأَمَّا وَقَدْ رَوَى مَنْ هُوَ أَجَلُّ مِنْ الْمُغِيرَةِ وَدَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ الزِّيَادَةَ الثَّابِتَةَ الَّتِي لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ الْخُرُوجُ عَنْهَا مِنْ أَمْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِرَدِّ تِلْكَ الصَّدَقَةِ وَالْعَطِيَّةِ وَارْتِجَاعِهَا -

<<  <  ج: ص:  >  >>