للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرُوِّينَا أَيْضًا عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ مِثْلِ الْوُضُوءِ مَا لَمْ يُحْدِثْ.

وَعَنْ مَعْمَرٍ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: التَّيَمُّمُ بِمَنْزِلَةِ الْمَاءِ. يَقُولُ يُصَلِّي بِهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ. وَعَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: صَلِّ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا مَا لَمْ تُحْدِثْ، هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَاءِ وَهُوَ قَوْلُ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَغَيْرِهِمْ.

وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُصَلَّى صَلَاتَا فَرْضٍ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ لِكُلِّ صَلَاةٍ فَإِنْ تَيَمَّمَ وَتَطَوَّعَ بِرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ أَوْ غَيْرِهِمَا فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَنْ يَتَيَمَّمَ تَيَمُّمًا آخَرَ لِلْفَرِيضَةِ فَلَوْ تَيَمَّمَ ثُمَّ صَلَّى الْفَرِيضَةَ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَنَفَّلَ بَعْدَهَا بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَتَيَمَّمُ لِكُلِّ صَلَاةِ فَرْضٍ وَلَا بُدَّ، وَلَهُ أَنْ يَتَنَفَّلَ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ.

وَقَالَ شَرِيكٌ: يَتَيَمَّمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ.

وَرُوِيَ مِثْلُ قَوْلِ شَرِيكٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَرَبِيعَةَ وَقَتَادَةَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ.

وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: يَتَيَمَّمُ لِكُلِّ وَقْتِ صَلَاةِ فَرْضٍ إلَّا أَنَّهُ يُصَلِّي الْفَوَائِتَ مِنْ الْفُرُوضِ كُلِّهَا بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ.

قَالَ عَلِيٌّ: أَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فَلَا مُتَعَلَّقَ لَهُ بِحُجَّةٍ أَصْلًا، لَا بِقُرْآنٍ وَلَا بِسُنَّةٍ صَحِيحَةٍ وَلَا سَقِيمَةٍ وَلَا بِقِيَاسٍ، وَلَا يَخْلُو التَّيَمُّمُ مِنْ أَنْ يَكُونَ طَهَارَةً أَوْ لَا طَهَارَةَ، فَإِنْ كَانَ طَهَارَةً فَيُصَلِّي بِطَهَارَتِهِ مَا لَمْ يُوجِبْ نَقْضَهَا قُرْآنٌ أَوْ سُنَّةٌ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ طَهَارَةً فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ طَهَارَةً تَامَّةً وَلَكِنَّهُ اسْتِبَاحَةٌ لِلصَّلَاةِ.

قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا بَاطِلٌ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا أَنَّهُ قَوْلٌ بِلَا بُرْهَانٍ، وَمَا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ. وَالثَّانِي أَنَّهُ قَوْلٌ يُكَذِّبُهُ الْقُرْآنُ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} [المائدة: ٦] فَنَصَّ تَعَالَى عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى.

وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ تَنَاقُضٌ مِنْهُمْ لِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ طَهَارَةً تَامَّةً - وَلَكِنَّهُ اسْتِبَاحَةٌ لِلصَّلَاةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>