وَلَا يَقَعُ اسْمُ السِّلَاحِ عَلَى سَرْجٍ، وَلَا لِجَامٍ، وَلَا مِهْمَازٍ.
وَكَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَكْتُبُ إلَى الْوُلَاةِ وَالْأَشْرَافِ إذَا أَسْلَمُوا بِكُتُبٍ فِيهَا السُّنَنُ وَالْقُرْآنُ بِلَا شَكٍّ، فَتِلْكَ الصُّحُفُ لَا يَجُوزُ تَمَلُّكُهَا لِأَحَدٍ، لَكِنَّهَا لِلْمُسْلِمِينَ كَافَّةً يَتَدَارَسُونَهَا مَوْقُوفَةً لِذَلِكَ، فَهَذَا هُوَ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ الْحَبْسُ فَقَطْ، وَأَمَّا مَا لَمْ يَأْتِ فِيهِ نَصٌّ فَلَا يَجُوزُ تَحْبِيسُهُ لِمَا ذَكَرْنَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَمِنْ عَجَائِبِ الدُّنْيَا قَوْلُ مَنْ لَا يَتَّقِي اللَّهَ تَعَالَى: أَنَّ صَدَقَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا جَازَتْ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يُورَثُ وَأَنَّ صَدَقَاتِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - إنَّمَا جَازَتْ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ لَمْ يَرُدُّوهَا، وَأَنَّ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الْأَعْلَى رُوِيَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: لَوْلَا أَنِّي ذَكَرْتُ صَدَقَتِي لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَرَدَدْتُهَا
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا قَوْلُهُمْ إنَّ صَدَقَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا جَازَتْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُورَثُ - فَقَدْ كَذَبُوا؛ بَلْ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - جَعَلَهَا صَدَقَةً، فَلِذَلِكَ صَارَتْ صَدَقَةً هَكَذَا -: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ قَاسِمِ بْنِ أَصْبَغَ نا ابْنُ وَضَّاحٍ نا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ نا أَبُو الْأَحْوَصِ - هُوَ سَلَّامُ بْنُ سُلَيْمٍ - عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ - هُوَ أَخُو جُوَيْرِيَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - قَالَ «مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دِينَارًا، وَلَا دِرْهَمًا، وَلَا عَبْدًا، وَلَا أَمَةً، إلَّا بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ، وَأَرْضًا جَعَلَهَا صَدَقَةً» .
وَأَمَّا قَوْلُهُ: إنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يُورَثَ - فَنَعَمْ، وَهَذَا لَا يُوجِبُ الصَّدَقَةَ بِأَرْضِهِ، بَلْ تُبَاعُ فَيُتَصَدَّقُ بِالثَّمَنِ -: فَظَهَرَ فَسَادُ قَوْلِهِمْ.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّمَا جَازَتْ صَدَقَاتُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ أَجَازُوهَا - فَقَدْ كَذَبُوا، وَلَقَدْ تَرَكَ عُمَرُ ابْنَيْهِ زَيْدًا وَأُخْتَه صَغِيرَيْنِ جِدًّا، وَكَذَلِكَ عُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَغَيْرُهُمْ، فَلَوْ كَانَ الْحَبْسُ غَيْرَ جَائِزٍ لَمَا حَلَّ تَرْكُ أَنْصِبَاءِ الصِّغَارِ تَمْضِي حَبْسًا.
وَأَمَّا الْخَبَرُ الَّذِي ذَكَرُوهُ عَنْ مَالِكٍ - فَمُنْكَرٌ وَبَلِيَّةٌ مِنْ الْبَلَايَا، وَكَذِبٌ بِلَا شَكٍّ، وَلَا نَدْرِي مَنْ رَوَاهُ عَنْ يُونُسَ وَلَا هُوَ مَعْرُوفٌ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَهَبْكَ لَوْ سَمِعْنَاهُ مِنْ الزُّهْرِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute