للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهَذِهِ النُّصُوصُ تُوجِبُ كُلَّ مَا قُلْنَا - فَصَحَّ أَنَّهُ إلَى تَمَامِ الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ لَيْلَةً مَاءً مِنْ مَاءِ أُمِّهِ وَلَحْمَةً وَمُضْغَةً مِنْ حَشْوَتِهَا كَسَائِرِ مَا فِي جَوْفِهَا، فَهُوَ تَبَعٌ لَهَا؛ لِأَنَّهُ بَعْضُهَا وَلَهُ اسْتِثْنَاؤُهُ فِي كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ يُزَايِلُهَا كَمَا يُزَايِلُهَا اللَّبَنُ.

وَإِذْ هُوَ كَذَلِكَ فَإِذَا أُعْتِقَ فَقَدْ أُعْتِقَ بَعْضُهَا، فَوَجَبَ بِذَلِكَ عِتْقُ جَمِيعِهَا، لِمَا نَذْكُرُهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَلَا يَجُوزُ هِبَتُهُ دُونَهَا؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ، وَلَا تَجُوزُ هِبَةُ الْمَجْهُولِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي " كِتَابِ الْهِبَاتِ ".

وَأَمَّا إذَا نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ فَهُوَ غَيْرُهَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّاهُ {خَلْقًا آخَرَ} [المؤمنون: ١٤] وَهُوَ حِينَئِذٍ قَدْ يَكُونُ ذَكَرًا وَهِيَ أُنْثَى، وَيَكُونُ اثْنَيْنِ وَهِيَ وَاحِدَةٌ، وَيَكُونُ أَسْوَدَ أَوْ أَبْيَضَ وَهِيَ بِخِلَافِهِ فِي خَلْقِهِ وَخُلُقِهِ، وَفِي السَّعَادَةِ وَالشَّقَاءِ، فَإِذْ هُوَ كَذَلِكَ فَلَا تَجُوزُ هِبَتُهُ وَلَا عِتْقُهُ دُونَهَا؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ، وَلَا يَجُوزُ التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى إلَّا بِمَا تَطِيبُ النَّفْسُ عَلَيْهِ، وَلَا يُمْكِنُ أَلْبَتَّةَ طَيِّبَ النَّفْسِ إلَّا فِي مَعْلُومِ الصِّفَةِ وَالْقَدْرِ، فَإِنْ أَعْتَقَهَا فَلَا عِتْقَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُهَا فَإِنْ وَهَبَهَا فَكَذَلِكَ، فَإِنْ أَتْبَعَهَا حَمَلَهَا فِي الْعِتْقِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ: جَازَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ النَّاسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِعِلْمِهِ وَبَعْدَهُ يَعْتِقُونَ الْحَوَامِلَ وَيَنْفُذُونَ عِتْقَ حَمْلِهَا وَيَهَبُونَ كَذَلِكَ وَيَبِيعُونَهَا كَذَلِكَ، وَيَمْتَلِكُونَهَا بِالْقِسْمَةِ كَذَلِكَ، وَيَتَصَدَّقُونَ وَيُهْدُونَ وَيُضَحُّونَ بِإِنَاثِ الْحَيَوَانِ فَيَتَّبِعُونَ أَحْمَالَهَا لَهَا فَتَكُونُ فِي حُكْمِهَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا قُرَّةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فِيمَنْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ وَاسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا قَالَ: لَهُ ثُنْيَاهُ.

وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ نا أَبِي نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ نا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَعْتَقَ أَمَةً لَهُ وَاسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا.

وَبِهِ يَقُولُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ - هَذَا إسْنَادٌ كَالشَّمْسِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ.

وَمِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ نا هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ قَالَ فِي الَّذِي يَعْتِقُ أَمَتَهُ وَيَسْتَثْنِي مَا فِي بَطْنِهَا قَالَ: ذَلِكَ لَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>