وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ عَنْ الْحَسَنِ: مَنْ مَلَكَ أَخَاهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ عَتَقَ.
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ: أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ مَقَتَ رَجُلًا أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ جَارِيَةً لَهُ أَرْضَعَتْ وَلَدَهُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَمَا نَعْلَمُ لِهَذَا حُجَّةً إلَّا أَنَّ الْحَنَفِيِّينَ، وَالْمَالِكِيِّينَ وَالشَّافِعِيِّينَ: أَصْحَابُ قِيَاسٍ بِزَعْمِهِمْ، فَكَانَ يَلْزَمُهُمْ أَنْ يَقِيسُوا الْأُمَّ مِنْ الرَّضَاعِ، وَالْأَبَ مِنْ الرَّضَاعِ، وَالْوَلَدِ مِنْ الرَّضَاعِ، وَالْأَخِ مِنْ الرَّضَاعِ: عَلَى كُلِّ ذَلِكَ مِنْ النَّسَبِ، لَا سِيَّمَا مَعَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» فَهَذَا أَصَحُّ مِنْ كُلِّ قِيَاسٍ قَالُوا بِهِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: ثُمَّ اسْتَدْرَكْنَا فَرَأَيْنَا مِنْ حُجَّتِهِمْ أَنْ قَالُوا: إنَّ السُّنَّةَ تُوجِبُ أَنْ يُعْتَقَ ذَوُو الْمَحَارِمِ مِنْ الرَّضَاعِ أَيْضًا وَلَا بُدَّ: لِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ نا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» .
وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ نا هَمَّامٌ نا قَتَادَةُ عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ " أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ الرَّحِمِ» .
وَوَجَدْنَا " يَحْرُمُ مِنْ الرَّحِمِ، وَمِنْ النَّسَبِ " تَمَادِي مِلْكِ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمَةٍ وَذِي نَسَبٍ مَحْرَمٍ، فَوَجَبَ وَلَا بُدَّ أَنْ يَحْرُمَ تَمَادِي الْمِلْكِ فِيمَنْ يَمُتُّ بِالرَّضَاعَةِ كَذَلِكَ وَلَا بُدَّ.
فَنَظَرْنَا فِي هَذَا الِاحْتِجَاجِ فَوَجَدْنَاهُ شَغَبِيًّا -: أَوَّلُ ذَلِكَ - أَنَّ مِلْكَ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمَةِ لَيْسَ حَرَامًا، بَلْ هُوَ صَحِيحٌ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمَةٍ فَهُوَ حُرٌّ» فَأَوْقَعَ الْمِلْكَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَلْزَمَ الْعِتْقَ، وَلَوْلَا صِحَّةَ مِلْكِهِ لَمْ يَصِحَّ عِتْقُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute