وَكُنَّا قَبْلُ نَقُولُ: لَا تَجُوزُ إلَّا عَلَى نَجْمَيْنِ فَصَاعِدًا حَتَّى وَجَدْنَا مَا حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّلْمَنْكِيُّ قَالَ: نا ابْنُ مُفَرِّجٍ نا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ فِرَاسٍ نا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ النَّيْسَابُورِيُّ نا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ نا يَحْيَى بْنُ آدَمَ نا ابْنُ إدْرِيسَ - هُوَ عَبْدُ اللَّهِ - نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ - هُوَ ابْنُ النُّعْمَانَ الظَّفَرِيُّ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: «حَدَّثَنِي سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ، فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا، وَفِيهِ: فَقَدِمَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ فَابْتَاعَنِي، ثُمَّ ذَكَرَ خَبَرًا وَفِيهِ: فَأَسْلَمْتُ وَشَغَلَنِي الرِّقُّ حَتَّى فَاتَتْنِي بَدْرٌ، ثُمَّ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كَاتِبْ؟ فَسَأَلْتُ صَاحِبِي ذَلِكَ، فَلَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى كَاتَبَنِي عَلَى أَنْ أُحْيِيَ لَهُ ثَلَاثَمِائَةِ نَخْلَةٍ، وَبِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً مِنْ ذَهَبٍ: فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ؟ فَقَالَ لِي: اذْهَبْ فَفَقِّرْ لَهَا، فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَضَعَهَا فَلَا تَضَعْهَا حَتَّى تَأْتِيَنِي فَتُؤْذِنَنِي فَأَكُونَ أَنَا الَّذِي أَضَعُهَا بِيَدِي؟ قَالَ: فَقُمْت بِتَفْقِيرِي وَأَعَانَنِي أَصْحَابِي حَتَّى فَقَرْتُ لَهَا سَرَبَهَا ثَلَاثَمِائَةِ سَرْبَةٍ، وَجَاءَ كُلُّ رَجُلٍ بِمَا أَعَانَنِي بِهِ مِنْ النَّخْلِ، ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَعَلَ يَضَعُهُ بِيَدِهِ وَيُسَوِّي عَلَيْهَا تُرَابَهَا وَيُبَرِّكُ حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا، فَوَاَلَّذِي نَفْسُ سَلْمَانَ بِيَدِهِ مَا مَاتَتْ مِنْهَا وَدِيَةٌ، وَبَقِيَتْ الذَّهَبُ فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ أَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ بِمِثْلِ الْبَيْضَةِ مِنْ ذَهَبٍ أَصَابَهَا مِنْ بَعْضِ الْمَعَادِنِ فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: مَا فَعَلَ الْفَارِسِيُّ الْمِسْكِينُ الْمُكَاتَبُ؟ اُدْعُوهُ لِي؟ فَدُعِيتُ فَجِئْتُ، فَقَالَ: اذْهَبْ بِهَذِهِ فَأَدِّهَا بِمَا عَلَيْكَ مِنْ الْمَالِ؟ فَقُلْتُ: وَأَيْنَ تَقَعُ هَذِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِمَّا عَلَيَّ؟ فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ سَيُؤَدِّي عَنْكَ مَا عَلَيْكَ مِنْ الْمَالِ، قَالَ: فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ وَزَنْتُ لَهُ مِنْهَا أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً حَتَّى أَوْفَيْتُهُ الَّذِي عَلَيَّ، قَالَ: فَأُعْتِقَ سَلْمَانُ، وَشَهِدَ الْخَنْدَقَ، وَبَقِيَّةَ مَشَاهِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا تَجُوزُ الْكِتَابَةُ إلَّا عَلَى نَجْمَيْنِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى جَوَازِهَا كَذَلِكَ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا حَظَّ لِلنَّظَرِ مَعَ صِحَّةِ الْخَبَرِ. فَإِنْ قِيلَ: لِمَ قُلْتُمْ إنَّ الْعَبْدَ إذَا أَسْلَمَ وَسَيِّدُهُ كَافِرٌ فَهُوَ حُرٌّ - وَهَذَا سَلْمَانُ أَسْلَمَ وَسَيِّدُهُ كَافِرٌ وَلَمْ يُعْتَقْ بِذَلِكَ؟ قُلْنَا: لَمْ نَقُلْ بِهَذَا إلَّا لِعِتْقِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ خَرَجَ إلَيْهِ مُسْلِمًا مِنْ عَبِيدِ أَهْلِ الطَّائِفِ. وَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: ١٤١]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute