الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا نا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ؛ وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، كِلَاهُمَا عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ مُكَاتَبًا قُتِلَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنْ يُودِيَ مَا أَدَّى دِيَةَ الْحُرِّ وَمَا لَا دِيَةَ الْمَمْلُوكِ» . وَأَمَّا مَا ذَكَرُوهُ مِنْ إيقَافِ ابْنِ عُلَيَّةَ لَهُ عَلَى عَلِيٍّ فَهُوَ قُوَّةٌ لِلْخَبَرِ؛ لِأَنَّهُ فُتْيَا مِنْ عَلِيٍّ بِمَا رَوَى، وَلَيْتَ شِعْرِي مِنْ أَيْنَ وَقَعَ لِمَنْ وَقَعَ أَنَّ الْعَدْلَ إذَا أَسْنَدَ الْخَبَرَ عَنْ مِثْلِهِ، وَأَوْقَفَهُ آخَرُ، أَوْ أَرْسَلَهُ آخَرُ: أَنَّ ذَلِكَ عِلَّةٌ فِي الْحَدِيثِ - وَهَذَا لَا يُوجِبُهُ نَصٌّ وَلَا نَظَرٌ وَلَا مَعْقُولٌ، وَالْبُرْهَانُ قَدْ صَحَّ بِوُجُوبِ الطَّاعَةِ لِلْمُسْنَدِ دُونَ شَرْطٍ، فَبَطَلَ مَا عَدَا هَذَا - وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ. وَقَالُوا: قَدْ رَوَيْتُمْ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ نا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ نا سُفْيَانُ عَنْ خَالِدٍ - هُوَ الْحَذَّاءُ - عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي الْمُكَاتَبِ إذَا أَدَّى النِّصْفَ فَهُوَ غَرِيمٌ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا وَكِيعٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدُّ الْمُكَاتَبِ حَدُّ الْمَمْلُوكِ، وَهَذَا تَرْكٌ مِنْهُمَا لِمَا رَوَيَا. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَقُلْنَا: هَبْكَ أَنَّهُمَا تَرَكَا مَا رَوَيَا، فَكَانَ مَاذَا؟ إنَّمَا الْحُجَّةُ فِيمَا رَوَيَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لَا فِي قَوْلِهِمَا. وَقَدْ أَفْرَدْنَا جُزْءًا ضَخْمًا لِمَا تَنَاقَضُوا فِيهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَأَيْضًا: فَإِنْ كَانَ هَذَا الِاخْتِلَافُ يُوجِبُ عِنْدَهُمْ الْوَهَنَ فِيمَا رَوَيَا، فَانْفَصَلُوا مِمَّنْ عَكَسَ ذَلِكَ، فَقَالَ: بَلْ ذَلِكَ يُوجِبُ الْوَهَنَ فِيمَا رُوِيَ عَنْهُمَا مِمَّا هُوَ خِلَافٌ لِمَا رَوَيَا وَحَاشَا لَهُمَا مِنْ ذَلِكَ. قَالَ عَلِيٌّ: فَكَيْفَ وَقَدْ يَتَأَوَّلُ الرَّاوِي فِيمَا رَوَى وَقَدْ يَنْسَاهُ؟ فَكَيْفَ وَلَيْسَ فِيمَا ذَكَرْنَا عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ خِلَافٌ لِمَا رَوَيَاهُ. أَمَّا قَوْلُ عَلِيٍّ: إذَا أَدَّى النِّصْفَ فَهُوَ غَرِيمٌ، فَلَيْسَ مُخَالِفًا لِلْمَشْهُورِ عَنْهُ مِنْ تَوْرِيثِ مَنْ بَعْضَهُ حُرٌّ بِمَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ دُونَ مَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ - وَلَا لِمَا رُوِيَ مِنْ حُكْمِ الْمُكَاتَبِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِيهِ: لَيْسَ بَاقِيهِ عَبْدًا، وَلَا قَالَ فِيهِ: لَيْسَ مَا قَابَلَ مَا أَدَّى حُرًّا، لَكِنْ أَخْبَرَ: أَنَّهُ لَا يَعْجِزُ، لَكِنْ يُتْبَعُ بِبَاقِي الْكِتَابَةِ فَقَطْ، فَلَا خِلَافَ فِي هَذَا لِمَا رَوَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute