للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، وَكَانَتْ ابْنَتَانِ: لَمْ تَرِثْ الْأُخْتُ وَلَا الْأَخَوَاتُ شَيْئًا -: وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَنْ تَرَكَ ابْنَتَهُ، وَأُخْتَه لِأَبِيهِ، وَأُمِّهِ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لِابْنَتِهِ النِّصْفُ، وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ، وَلَيْسَ لِأُخْتِهِ شَيْءٌ مِمَّا بَقِيَ، وَهُوَ لِعَصَبَتِهِ، فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ: إنَّ عُمَرَ قَضَى بِغَيْرِ ذَلِكَ، جَعَلَ لِلِابْنَةِ النِّصْفَ، وَلِلْأُخْتِ النِّصْفَ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمْ اللَّهُ؟ قَالَ مَعْمَرٌ: فَذَكَرْت ذَلِكَ لِابْنِ طَاوُسٍ قَالَ لِي ابْنُ طَاوُسٍ: أَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: ١٧٦] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقُلْتُمْ أَنْتُمْ: لَهَا النِّصْفُ وَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ.

وَمِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ نا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - هُوَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ - هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ - حَدَّثَنِي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزِّبْرِقَانِ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَمْرٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى: وَلَا فِي قَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَسَتَجِدُونَهُ فِي النَّاسِ كُلِّهِمْ: مِيرَاثُ الْأُخْتِ مَعَ الْبِنْتِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا يُرِيَك أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمْ يَرَ مَا فَشَا فِي النَّاسِ وَاشْتَهَرَ فِيهِمْ حُجَّةً، وَأَنَّهُ لَمْ يَرَ الْقَوْلَ بِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْقُرْآنِ، وَلَا فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَتَكَلَّمَ أَصْحَابُنَا فِي أَبِي قَيْسٍ.

قَالَ عَلِيٌّ: أَبُو قَيْسٍ ثِقَةٌ مَا نَعْلَمُ أَحَدًا جَرَحَهُ بِجُرْحَةٍ يَجِبُ بِهَا إسْقَاطُ رِوَايَتِهِ، فَالْوَاجِبُ الْأَخْذُ بِمَا رَوَى - وَبِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُسْنَدِ الَّذِي ذَكَرْنَا.

فَوَجَبَ بِذَلِكَ إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ عَاصِبٌ أَنْ يَكُونَ مَا فَضَلَ عَنْ فَرِيضَةِ الِابْنَةِ، أَوْ الْبِنْتَيْنِ، أَوْ بِنْتِ الِابْنِ، أَوْ بِنْتَيْ الِابْنِ لِلْعَصَبَةِ؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ، وَلَيْسَتْ الْأُخْتُ هَاهُنَا مِنْ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ الَّذِينَ أُمِرْنَا بِإِلْحَاقِ فَرَائِضِهِمْ بِهِمْ - وَهَذَا وَاضِحٌ لَا إشْكَالَ فِيهِ.

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ رَجُلٌ عَاصِبٌ أَصْلًا أَخَذْنَا بِحَدِيثِ أَبِي قَيْسٍ وَجَعَلْنَا الْأُخْتَ عَصَبَةً كَمَا فِي نَصِّهِ وَلَمْ نُخَالِفْ شَيْئًا مِنْ النُّصُوصِ.

وَالْمُعْتَقُ، وَمَنْ تَنَاسَلَ مِنْهُ مِنْ الذُّكُورِ أَوْ عَصَبَتِهِ مِنْ الذُّكُورِ هُمْ بِلَا شَكٍّ مِنْ الرِّجَالِ الذُّكُورِ: فَهُمْ أَوْلَى مِنْ الْأَخَوَاتِ إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ ابْنَةٌ أَوْ ابْنَةُ ابْنٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>