وَقَالُوا: قَدْ صَحَّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ، مِنْ فُتْيَاهُمْ وَفِعْلِهِمْ أَنَّ التَّيَمُّمَ ضَرْبَتَانِ، ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلذِّرَاعَيْنِ وَالْيَدَيْنِ، قَالُوا وَالتَّيَمُّمُ بَدَلٌ مِنْ الْوُضُوءِ، فَلَمَّا كَانَ يُجَدِّدُ الْمَاءَ لِلْوَجْهِ وَمَاءً آخَرَ لِلذِّرَاعَيْنِ وَجَبَ كَذَلِكَ فِي التَّيَمُّمِ، وَلَمَّا كَانَ الْوُضُوءُ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ التَّيَمُّمُ الَّذِي هُوَ بَدَلُهُ كَذَلِكَ.
هَذَا كُلُّ مَا شَغَبُوا بِهِ، وَكُلُّهُ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ.
أَمَّا الْأَخْبَارُ فَكُلُّهَا سَاقِطَةٌ، لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِشَيْءٍ مِنْهَا.
أَمَّا حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ فَإِنَّنَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْيَافِعِيِّ عَنْ رَجُلٍ حَدَّثَهُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، فَفِيهِ عِلَّتَانِ: إحْدَاهُمَا الْقَاسِمُ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالثَّانِيَةُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرٍو لَمْ يُسَمِّ مَنْ أَخْبَرَهُ بِهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَقَدْ دَلَّسَهُ بَعْضُ النَّاسِ فَقَالَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ جَعْفَرٍ. وَمُحَمَّدٌ لَمْ يُدْرِكْ جَعْفَرَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَسَقَطَ هَذَا الْخَبَرُ. وَأَمَّا حَدِيثُ عَمَّارٍ فَإِنَّنَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبَانَ بْنِ يَزِيدَ الْعَطَّارِ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَدِّثٌ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ عَمَّارٍ، فَلَمْ يُسَمِّ قَتَادَةَ مَنْ حَدَّثَهُ. وَالْأَخْبَارُ الثَّابِتَةُ كُلُّهَا عَنْ عَمَّارٍ بِخِلَافِ هَذَا، فَسَقَطَ هَذَا الْخَبَرُ أَيْضًا.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فَإِنَّنَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ الْمَوْصِلِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ الْعَبْدِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَمُحَمَّدُ بْنِ ثَابِتٍ الْعَبْدِيُّ ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ، ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ، لِأَنَّ فِيهِ التَّيَمُّمَ فِي الْحَضَرِ لِلصَّحِيحِ، وَالتَّيَمُّمَ لِرَدِّ السَّلَامِ، وَتَرْكَ رَدِّ السَّلَامِ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ، وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا كُلِّهِ، وَمِنْ الْمَقْتِ احْتِجَاجُ امْرِئٍ بِمَا لَا يَرَاهُ لَا هُوَ وَلَا خَصْمُهُ حُجَّةً وَاحْتِجَاجُهُ بِشَيْءٍ هُوَ أَوَّلُ مُخَالِفٍ لَهُ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الْخَبَرُ حُجَّةً فِي التَّيَمُّمِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ، فَهُوَ حُجَّةٌ فِي تَرْكِ رَدِّ السَّلَامِ إلَّا عَلَى طُهْرٍ، وَفِي التَّيَمُّمِ بَيْنَ الْحِيطَانِ فِي الْمَدِينَةِ لِرَدِّ السَّلَامِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً فِي هَذَا فَلَيْسَ حُجَّةً فِيمَا احْتَجُّوا بِهِ.
فَإِنْ قَالُوا: هُوَ عَلَى النَّدْبِ، قُلْنَا: وَكَذَلِكَ قُولُوا فِي صِفَةِ التَّيَمُّمِ فِيهِ مَرَّتَيْنِ وَإِلَى الْمِرْفَقَيْنِ أَنَّهُ عَلَى النَّدْبِ وَلَا فَرْقَ، فَسَقَطَ هَذَا الْخَبَرُ أَيْضًا.
وَأَمَّا حَدِيثُ الْأَسْلَعِ فَفِي غَايَةِ السُّقُوطِ؛ لِأَنَّنَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute