شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، وَعَوَّضَ مِنْ ذَلِكَ إطْعَامًا فِي الظِّهَارِ وَالْجِمَاعِ، وَلَمْ يُعَوِّضْهُ فِي الْقَتْلِ، وَهَكَذَا فِي كُلِّ شَيْءٍ.
فَإِنْ قَالُوا: قِسْنَا التَّيَمُّمَ عَلَى الْوُضُوءِ، قُلْنَا: الْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ، ثُمَّ لَوْ كَانَ حَقًّا لَكَانَ هَذَا مِنْهُ عَيْنَ الْبَاطِلِ، وَهَلَّا قِسْتُمْ مَا يُتَيَمَّمُ مِنْ الْيَدَيْنِ عَلَى مَا يُقْطَعُ مِنْ الْيَدَيْنِ فِي السَّرِقَةِ كَمَا تَرَكْتُمْ أَنْ تَقِيسُوا مَا يُسْتَبَاحُ بِهِ فَرْجُ الْحُرَّةِ فِي النِّكَاحِ عَلَى مَا يُسْتَبَاحُ بِهِ فَرْجُ الْأَمَةِ فِي الْبَيْعِ، وَقِسْتُمُوهُ عَلَى مَا تُقْطَعُ فِيهِ يَدُ السَّارِقِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ فَرَّقْتُمْ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ بَيْنَ حُكْمِ التَّيَمُّمِ وَبَيْنَ الْوُضُوءِ فِي سُقُوطِ الرَّأْسِ وَالرِّجْلَيْنِ فِي التَّيَمُّمِ دُونَ الْوُضُوءِ، وَسُقُوطِ الْجَسَدِ كُلِّهِ فِي التَّيَمُّمِ دُونَ الْغُسْلِ.
وَيُقَالُ لَهُمْ كَمَا جَعَلْتُمْ سُكُوتَ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ ذِكْرِ الرَّأْسِ وَالرِّجْلَيْنِ فِي التَّيَمُّمِ دَلِيلًا عَلَى سُقُوطِ ذَلِكَ فِيهِ وَلَمْ تَقِيسُوهُ عَلَى الْوُضُوءِ، فَهَلَّا جَعَلْتُمْ سُكُوتَهُ تَعَالَى عَنْ ذِكْرِ التَّحْدِيدِ إلَى الْمَرَافِقِ فِي التَّيَمُّمِ دَلِيلًا عَلَى سُقُوطِ ذَلِكَ، وَلَا تَقِيسُوهُ عَلَى الْوُضُوءِ؟ كَمَا فَعَلَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فِي سُكُوتِ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ دَيْنِ الرَّقَبَةِ فِي الظِّهَارِ، وَلَمْ يَقِيسُوهَا عَلَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا فِي رَقَبَةِ الْقَتْلِ، وَإِذَا قِسْتُمْ التَّيَمُّمَ لِلْوُضُوءِ عَلَى الْوُضُوءِ فَقِيسُوا التَّيَمُّمَ لِلْجَنَابَةِ عَلَى الْجَنَابَةِ، فَعُمُّوا بِهِ الْجَسَدَ وَهَذَا مَا لَا مَخْلَصَ مِنْهُ.
وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ أَنَّ التَّيَمُّمَ ضَرْبَتَانِ، ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْكَفَّيْنِ فَقَطْ، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ حَرَمِيِّ بْنِ عُمَارَةَ ثنا الْحَرِيشُ بْنُ الْخِرِّيتِ أَخُو الزُّبَيْرِ بْنِ الْخِرِّيتِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ «نَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَرْبَةً وَمَسَحَ بِهَا وَجْهَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ عَلَى الْأَرْضِ أُخْرَى فَمَسَحَ بِهَا كَفَّيْهِ» .
وَبِحَدِيثٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ شَبَابَةَ بْنِ سَوَّارٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُد الْحَرَّانِيِّ عَنْ سَالِمٍ وَنَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي التَّيَمُّمِ «ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْكَفَّيْنِ» .
قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا لَا شَيْءَ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا مِنْ طَرِيقِ الْحَرِيشِ بْنِ الْخِرِّيتِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالثَّانِي مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُد الْحَرَّانِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَمِمَّنْ رَأَى أَنَّ التَّيَمُّمَ ضَرْبَتَانِ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَالْأُخْرَى لِلْيَدَيْنِ وَالذِّرَاعَيْنِ إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute