للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا كَسَبَ بَعْدَ رِدَّتِهِ فَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ - وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ رَاجَعَ الْإِسْلَامَ فَمَالُهُ فَإِنْ قُتِلَ عَلَى الرِّدَّةِ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَمَا كَسَبَ بَعْدَ الرِّدَّةِ فَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَا كَانَ لَهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ فَلِوَرَثَتِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَيَقْضِي الْقَاضِي بِعِتْقِ مُدَبِّرِيهِ، وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ، فَإِنْ رَجَعَ إلَى أَرْضِ الْإِسْلَامِ مُسْلِمًا أَخَذَ مَا وَجَدَ مِنْ مَالِهِ بِأَيْدِي وَرَثَتِهِ؛ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ بِشَيْءٍ مِمَّا أَكَلُوهُ، أَوْ أَتْلَفُوهُ، وَكُلُّ مَا حَمَلَ مِنْ مَالِهِ إلَى أَرْضِ الْحَرْبِ فَهُوَ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ إذَا ظُفِرَ بِهِ، لَا لِوَرَثَتِهِ، فَلَوْ رَجَعَ مِنْ أَرْضِ الْحَرْبِ إلَى أَرْضِ الْإِسْلَامِ فَأَخَذَ مَالًا مِنْ مَالِهِ فَنَهَضَ بِهِ إلَى أَرْضِ الْحَرْبِ فَظُفِرَ بِهِ، فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَلَوْ كَانَتْ لَهُ أَمَتَانِ إحْدَاهُمَا مُسْلِمَةٌ، وَالْأُخْرَى كَافِرَةٌ، فَوَلَدَتَا مِنْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ - مُذْ ارْتَدَّ - فَأَقَرَّ بِهِمَا لَحِقَا بِهِ جَمِيعًا، وَوَرِثَهُ ابْنُ الْمُسْلِمَةِ، وَلَمْ يَرِثْهُ ابْنُ الذِّمِّيَّةِ.

قَالَ: وَلَا يَرِثُ الْمُرْتَدُّ - مُذْ يَرْتَدُّ - إلَى أَنْ يُقْتَلَ أَوْ يَمُوتَ، أَوْ يُسْلِمَ أَحَدٌ مِنْ وَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا الْكُفَّارِ أَصْلًا.

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: مِيرَاثُهُ لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ: - كَمَا رُوِّينَا عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ الثِّقَةِ عِنْدَهُ عَنْ عَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: مِيرَاثُ الْمُرْتَدِّ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَبِهِ يَقُولُ رَبِيعَةُ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ.

وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ قُتِلَ، أَوْ مَاتَ، أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، فَهُوَ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ فَمَالُهُ لَهُ، فَإِنْ ارْتَدَّ عِنْدَ مَوْتِهِ، فَإِنْ اُتُّهِمَ: إنَّمَا ارْتَدَّ لِيَمْنَعَ وَرَثَتَهُ؟ فَمَالُهُ لِوَرَثَتِهِ - هَذَا مَعَ قَوْلِهِ: إنَّ مَنْ ارْتَدَّ عِنْدَ مَوْتِهِ لَمْ تَرِثْهُ امْرَأَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ أَحَدٌ بِأَنَّهُ يَرْتَدُّ لِيَمْنَعَ أَخْذَ الْمِيرَاثِ.

وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: مِيرَاثُ الْمُرْتَدِّ إنْ قُتِلَ لِوَرَثَتِهِ مِنْ الْكُفَّارِ.

وَقَالَ أَشْهَبُ: مَالُ الْمُرْتَدِّ - مُذْ يَرْتَدُّ - لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ: فَظَاهِرُ الِاضْطِرَابِ وَالتَّنَاقُضِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَحُكْمٌ بِالتُّهْمَةِ؟ وَهُوَ الظَّنُّ الْكَاذِبُ الَّذِي حَرَّمَ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ الْحُكْمَ بِهِ، وَأَمَّا قَوْلُ سُفْيَانَ: فَتَقْسِيمٌ فَاسِدٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ مِنْ قُرْآنٍ، وَلَا سُنَّةٍ، وَلَا قِيَاسٍ، وَلَا قَوْلِ صَاحِبٍ.

وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - فَوَسَاوِسُ كَثِيرَةٌ فَاحِشَةٌ -:

<<  <  ج: ص:  >  >>