للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا ظُفِرَ بِهِ مِنْ مَالِهِ فَهُوَ مَالُ كَافِرٍ، لَا ذِمَّةَ لَهُ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ} [الأحزاب: ٢٧] وَلَا يُحَرَّمُ مَالُ كَافِرٍ إلَّا بِالذِّمَّةِ، وَهَذَا لَا ذِمَّةَ لَهُ، فَإِنْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ فَلَمْ يَرْجِعْ إلَّا وَقَدْ بَطَلَ مِلْكُهُ لَهُ، أَوْ عَنْهُ، وَوَجَبَ لِلْمُسْلِمِينَ، فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهِ إلَّا كَأَحَدِ الْمُسْلِمِينَ.

وَأَمَّا مَا لَمْ يُظْفَرْ بِهِ مِنْ مَالِهِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مَا قَدْ ثَبَتَ وَصَحَّ مِنْ مِلْكِهِ لَهُ مَا لَمْ يَظْفَرْ الْمُسْلِمُونَ بِهِ، لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَائِرِ أَهْلِ الْحَرْبِ الَّذِينَ لَا ذِمَّةَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ.

فَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ الْكُفَّارِ خَاصَّةً، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: ٧٣] وَآيَاتُ الْمَوَارِيثِ الْعَامَّةِ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ، فَلَا يَخْرُجُ عَنْ حُكْمِهَا إلَّا مَا أَخْرَجَهُ نَصُّ سُنَّةٍ صَحِيحٌ.

فَإِنْ كَانُوا ذِمَّةً سَلَّمَ إلَيْهِمْ مَنْ ظَفِرَ بِهِ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ مَلَكُوهُ بِالْمِيرَاثِ.

وَإِنْ كَانُوا حَرْبِيِّينَ أُخِذَ لِلْمُسْلِمِينَ مَتَى ظُفِرَ بِهِ.

فَإِنْ أَسْلَمَ فَهُوَ لَهُ يَرِثُهُ عَنْهُ وَرَثَتُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ.

وَهَذَا حُكْمُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَنِ، وَمُوجَبُ الْإِجْمَاعِ - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

١٧٤٧ - مَسْأَلَةٌ وَمَنْ مَاتَ لَهُ مَوْرُوثٌ وَهُمَا كَافِرَانِ، ثُمَّ أَسْلَمَ الْحَيُّ أُخِذَ مِيرَاثُهُ عَلَى سُنَّةِ الْإِسْلَامِ - وَلَا تُقَسَّمُ مَوَارِيثُ أَهْلِ الذِّمَّةِ إلَّا عَلَى قَسْمِ اللَّهِ تَعَالَى الْمَوَارِيثَ فِي الْقُرْآنِ.

بُرْهَانُ ذَلِكَ -: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: ٨٥] .

وقَوْله تَعَالَى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا} [المائدة: ٥٠] .

وَلَا أَعْجَبُ مِمَّنْ يَدَعُ حُكْمَ الْقُرْآنِ - وَهُوَ يُقِرُّ أَنَّهُ الْحَقُّ، وَأَنَّهُ حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى - وَيَحْكُمُ بِحُكْمِ الْكُفْرِ - وَهُوَ يُقِرُّ أَنَّهُ حُكْمُ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، وَأَنَّهُ الضَّلَالُ الْمُبِينُ، وَاَلَّذِي لَا يَحِلُّ الْعَمَلُ بِهِ؟ إنَّ هَذَا لَعَجَبٌ عَجِيبٌ.

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ: أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>