للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَفَعَ إلَيْهِمْ وَتَحَاصُّوا فِيهِ، وَمَا وَقَعَ لِسَائِرِ الْقُرَبِ بُدِئَ بِمَا بَدَأَ بِهِ الْمُوصِي فِي الذِّكْرِ، فَإِذَا تَمَّ فَلَا شَيْءَ لِمَا بَقِيَ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي يُبْدَأُ بِالْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ أَبَدًا عَلَى الْمُحَابَاةِ فِي الْمَرَضِ ثُمَّ الْمُحَابَاةُ.

فَإِنْ أَوْصَى بِعِتْقٍ مُطْلَقٍ، أَوْ بِعِتْقِ عَبْدٍ فِي مِلْكِهِ، وَبِمَالٍ مُسَمًّى فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَبِصَدَقَةٍ، وَفِي الْحَجِّ، وَلِإِنْسَانٍ بِعَيْنِهِ: تَحَاصَّ كُلُّ ذَلِكَ، فَمَا وَقَعَ لِلْمُوصَى لَهُ بِعَيْنِهِ أَخَذَهُ، وَسَائِرُ ذَلِكَ يُبْدَأُ بِمَا بَدَأَ بِهِ الْمُوصِي بِذِكْرِهِ أَوَّلًا فَأَوَّلًا، فَإِذَا تَمَّ الثُّلُثُ فَلَا شَيْءَ لِمَا بَقِيَ.

وَقَالَ زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ: إنْ أُعْتِقَ بَتْلًا فِي مَرَضِهِ، ثُمَّ حَابَى فِي مَرَضِهِ بُدِئَ بِالْعِتْقِ، وَإِنْ حَابَى فِي مَرَضِهِ ثُمَّ أُعْتِقَ بُدِئَ بِالْمُحَابَاةِ، ثُمَّ سَائِرُ الْوَصَايَا، سَوَاءٌ مَا أَوْصَى بِهِ مِنْ الْقُرَبِ وَمَا أَوْصَى بِهِ لِإِنْسَانٍ بِعَيْنِهِ: كُلُّ ذَلِكَ بِالْحِصَصِ، لَا يُقَدَّمُ مِنْهُ شَيْءٌ عَلَى شَيْءٍ.

وَقَالَ مَالِكٌ: يُبْدَأُ بِالْمُحَابَاةِ فِي الْمَرَضِ، ثُمَّ بِالْعِتْقِ بَتْلًا فِي الْمَرَضِ، وَالْمُدَبَّرِ فِي الصِّحَّةِ، وَيَتَحَاصَّانِ، ثُمَّ عِتْقِ مَنْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ، وَعِتْقِ مَنْ سَمَّاهُ وَأَوْصَى بِأَنْ يُبْتَاعَ فَيُعْتَقَ بِعَيْنِهِ، وَيَتَحَاصَّانِ، ثُمَّ سَائِرُ الْوَصَايَا، وَيَتَحَاصُّ مَعَ مَا أَوْصَى بِهِ مِنْ عِتْقِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ: أَنَّ الْمُدَبَّرَ يَبْدَأُ أَبَدًا عَلَى الْعِتْقِ بَتْلًا فِي الْمَرَضِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إذَا أَعْتَقَ فِي الْمَرَضِ عَبْدًا بَتْلًا بُدِئَ بِمَنْ أَعْتَقَ أَوَّلًا فَأَوَّلًا، وَلَا يَتَحَاصُّونَ فِي ذَلِكَ، وَيُرَقُّ مَنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ، أَوْ يُرَقُّ مِنْهُ مَا يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ.

وَالْهِبَةُ فِي الْمَرَضِ مُبَدَّاةٌ عَلَى جَمِيعِ الْوَصَايَا بِالْعِتْقِ وَغَيْرِهِ.

وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى: يَتَحَاصُّ فِي الْمُحَابَاةِ فِي الْمَرَضِ وَسَائِرِ الْوَصَايَا عَلَى السَّوَاءِ، قَالَ: وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الْمُحَابَاةَ فِي الْبَيْعِ فِي الْمَرَضِ مَفْسُوخٌ، لِأَنَّهُ وَقَعَ عَلَى غَرَرٍ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَزُفَرَ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَاللَّيْثِ، وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ: فَظَاهِرَةُ الْخَطَأِ؛ لِأَنَّهَا دَعَاوَى وَآرَاءٌ بِلَا بُرْهَانٍ، لَا مِنْ قُرْآنٍ، وَلَا مِنْ رِوَايَةٍ سَقِيمَةٍ، وَلَا قَوْلِ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى نَعْلَمُهُ قَبْلَهُمْ، وَلَا قِيَاسٍ وَلَا رَأْيٍ سَدِيدٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>