الْحُكْمَ لَهَا.
فَقُلْنَا لَهُمْ: حُدُّوا لَنَا الْمُدَّةَ الَّتِي إذَا اتَّصَلَ بِهَا الدَّمُ وَالصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ كَانَ لَهَا هَذَا الْحُكْمُ الَّذِي أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُدَّةَ الَّتِي إذَا اتَّصَلَ بِهَا هَذَا كُلُّهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ الْحُكْمُ، فَكَانَ الَّذِي وَقَفُوا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ أَنْ قَالَتْ طَائِفَةٌ: تِلْكَ الْمُدَّةُ هِيَ أَيَّامُهَا الْمُعْتَادَةُ لَهَا.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: بَلْ تِلْكَ الْمُدَّةُ هِيَ أَكْثَرُ مِنْ أَيَّامِهَا الْمُعْتَادَةِ لَهَا، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ رَاعَوْا فِي أَيَّامِ عَادَتِهَا تَكَوُّنَ الدَّمِ وَإِلَّا فَلَا، فَقُلْتُ لَهُمْ: هَاتَانِ دَعْوَيَانِ قَدْ سَمِعْنَاهُمَا، وَالدَّعْوَةُ مَرْدُودَةٌ سَاقِطَةٌ إلَّا بِبُرْهَانٍ، فَهَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ.
فَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «اُقْعُدِي أَيَّامَ أَقْرَائِكِ وَدَعِي الصَّلَاةَ قَدْرَ الْأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا» .
قُلْنَا نَعَمْ هَذَا صَحِيحٌ، وَإِنَّمَا أَمَرَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِهَذَا الَّتِي لَا تُمَيِّزُ دَمَهَا وَاَلَّذِي هُوَ كُلُّهُ أَسْوَدُ مُتَّصِلٌ.
بُرْهَانُ ذَلِكَ قَوْلُهُ لِلَّتِي تُمَيِّزُ دَمَهَا «إنَّ دَمَ الْحَيْضِ أَسْوَدُ يُعْرَفُ، فَإِذَا جَاءَ الْآخَرُ فَصَلِّي، وَإِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي وَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي» عَلَى مَا نُبَيِّنُ فِي بَابِ الْمُسْتَحَاضَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا لَا مَخْلَصَ لَهُمْ مِنْهُ، فَإِنْ تَعَلَّقُوا بِمَنْ رُوِيَ عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِهِمْ، مِثْلُ مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ عَنْ أُمِّهِ: كُنْتُ أَرَى النِّسَاءَ يُرْسِلْنَ إلَى عَائِشَةَ بِالدُّرْجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ فِيهَا الصُّفْرَةُ يَسْأَلْنَهَا عَنْ الصَّلَاةِ، فَسَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: لَا تُصَلِّينَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute