أَشَدُّ تَغْلِيظًا، وَحَلِّفُوهُمْ بِمَا تَرَوْنَهُ أَيْمَانًا مِنْ الطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ، وَصَدَقَةِ الْمَالِ، فَهُوَ عِنْدَكُمْ أَغْلَظُ وَأَوْكَدُ مِنْ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ، فَأَيُّ شَيْءٍ قَالُوا رُدَّ عَلَيْهِمْ فِي هَذِهِ الزِّيَادَاتِ الَّتِي زَادُوهَا وَلَا فَرْقَ.
أَوْ نَقُولُ: حَلِّفُوهُمْ بِ " عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ إنْ كَانَ كَاذِبًا " قِيَاسًا عَلَى الْمُلَاعِنِ، أَوْ رُدُّوا عَلَيْهِ الْأَيْمَانَ كَذَلِكَ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ: أَنْ يُحَلَّفَ النَّصْرَانِيُّ " بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى " فَعَجَبٌ، وَلَا نَدْرِي مِنْ أَيْنَ أَخَذَاهُ، فَمَا فِي الْأَمْرِ لَهُمْ بِهَذِهِ الْيَمِينِ قُرْآنٌ، وَلَا سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ، وَلَا سَقِيمَةٌ، وَلَا قَوْلُ صَاحِبٍ أَصْلًا.
وَأَعْجَبُ شَيْءٍ جَهْلُ مَنْ يُحَلِّفُهُمْ بِهَذَا، وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَهُ وَلَا يُقِرُّونَ بِهِ، وَلَا قَالَ نَصْرَانِيٌّ قَطُّ: إنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى، وَإِنَّمَا الْإِنْجِيلُ عِنْدَ جَمِيعِ النَّصَارَى - لَا نُحَاشِي مِنْهُمْ أَحَدًا - أَرْبَعَةُ تَوَارِيخَ -: أَلَّفَ أَحَدَهَا: مَتَّى - وَأَلَّفَ الْآخَرَ: يُوحَنَّا - وَهُمَا عِنْدَهُمْ حَوَارِيَّانِ.
وَأَلَّفَ الثَّالِثَ: مُرْقُسُ - وَأَلَّفَ الرَّابِعَ: لُوقَا، وَهُمَا تِلْمِيذَانِ لِبَعْضِ الْحَوَارِيِّينَ عِنْدَ كُلِّ نَصْرَانِيٍّ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ.
وَلَا يَخْتَلِفُونَ: أَنَّ تَأْلِيفَهَا كَانَ عَلَى سِنِينَ مِنْ رَفْعِ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.
فَإِنْ قَالُوا: حَلَّفْنَاهُمْ بِمَا هُوَ الْحَقُّ قُلْنَا: فَحَلِّفُوهُمْ " بِالْقُرْآنِ " فَهُوَ حَقٌّ.
فَإِنْ قَالُوا: هُمْ لَا يُقِرُّونَ بِهِ.
قُلْنَا: وَهُمْ لَا يُقِرُّونَ بِأَنَّ الْإِنْجِيلَ أَنْزَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَلَا فَرْقَ.
وَأَمَّا تَحْلِيفُهُمْ الْيَهُودَ " بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى " فَإِنَّهُمْ مَوَّهُوا فِي ذَلِكَ بِالْخَبَرَيْنِ الصَّحِيحَيْنِ -: أَحَدُهُمَا: مِنْ طَرِيقِ الْبَرَاءِ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ عَلَيْهِ يَهُودِيٌّ مُحَمَّمٌ مَجْلُودٌ، فَدَعَا رَجُلًا مِنْ عُلَمَائِهِمْ فَقَالَ: أَنْشُدُكَ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى أَهَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِكُمْ؟ قَالَ: لَا، وَلَوْلَا أَنَّكَ أَنْشَدْتَنِي بِهَذَا مَا أَخْبَرْتُكَ بِحَدِّ الرَّجْمِ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute