فِي هَذِهِ النُّصُوصِ فَقَطْ، فَوَجَبَ الْوُقُوفُ عِنْدَهَا، وَأَنْ لَا تَتَعَدَّى، وَأَنْ لَا يُقْبَلَ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ إلَّا مَا اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى قَبُولِهِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: مَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِمَّنْ يُخَالِفُنَا اتَّبَعَ فِي أَقْوَالِهِ فِي الشَّهَادَاتِ النُّصُوصَ الثَّابِتَةَ مِنْ الْقُرْآنِ، وَلَا مِنْ السُّنَنِ، وَلَا مِنْ الْإِجْمَاعِ، وَلَا مِنْ الْقِيَاسِ، وَلَا مِنْ الِاحْتِيَاطِ، وَلَا مِنْ قَوْلِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَكُلُّ أَقْوَالٍ كَانَتْ هَكَذَا فَهِيَ مُتَخَاذِلَةٌ مُتَنَاقِضَةٌ بَاطِلٌ، لَا يَحِلُّ الْقَوْلُ بِهَا فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِهَا، فِي دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَفُرُوجِهِمْ، وَأَبْشَارِهِمْ، وَأَمْوَالِهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّنَا هَبْكَ أَمْسَكْنَا الْآنَ عَنْ الِاعْتِرَاضِ عَلَى احْتِجَاجِهِمْ بِالنُّصُوصِ الْمَذْكُورَةِ، لَكِنْ لِنُرِيَهُمْ - بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَقُوَّتِهِ - مُخَالَفَتَهُمْ لَهَا جِهَارًا -: أَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ: فَأَجَازَ شَهَادَةَ النِّسَاءِ فِي النِّكَاحِ، وَالطَّلَاقِ، وَالرَّجْعَةِ مَعَ رَجُلٍ، وَلَيْسَ هَذَا فِي شَيْءٍ مِنْ الْآيَاتِ، بَلْ فِيهَا: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] .
فَمَنْ أَعْجَبُ شَأْنًا مِمَّنْ يَرَى خَبَرَ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ خِلَافًا لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: ٢٨٢] وَلَا يَرَى قَوْلَهُ بِإِجَازَةِ امْرَأَتَيْنِ مَعَ رَجُلٍ خِلَافًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] .
فَإِنْ قَالُوا: إنَّ امْرَأَةً عَدْلَةً وَرَجُلًا عَدْلًا يَقَعُ عَلَيْهِمَا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنَّا؟ قُلْنَا: وَشَهَادَةُ ثَلَاثَةِ رِجَالٍ وَامْرَأَتَيْنِ فِي الزِّنَى يَقَعُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَرْبَعَةُ شُهَدَاءَ وَلَا فَرْقَ.
ثُمَّ قَبِلُوا شَهَادَةَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ حَيْثُ تُقْبَلُ النِّسَاءُ مُنْفَرِدَاتٍ وَلَمْ يَقْبَلُوهَا فِي الرَّضَاعِ حَيْثُ جَاءَتْ السُّنَّةُ بِقَبُولِهَا - وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ السَّلَفِ.
فَإِنْ قَالُوا: قِسْنَا ذَلِكَ عَلَى الدُّيُونِ الْمُؤَجَّلَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute