الْعَصْرُ - لَكَانَ أَحَبَّ إلَيْنَا {بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الآثِمِينَ} [المائدة: ١٠٦] ثُمَّ يُحْكَمُ بِمَا شَهِدُوا بِهِ، فَإِنْ جَاءَتْ بَيِّنَةٌ مُسْلِمُونَ: بِأَنَّ الْكُفَّارَ كَذَبُوا: حَلَفَ الْمُسْلِمَانِ الشَّاهِدَانِ، أَوْ الْمُسْلِمُ وَالْمَرْأَتَانِ، أَوْ الْأَرْبَعُ نِسْوَةٍ {بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: ١٠٧] ثُمَّ يُفْسَخُ مَا شَهِدَ بِهِ الْكُفَّارُ.
بُرْهَانُ ذَلِكَ -: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: ٦] وَالْكَافِرُ فَاسِقٌ فَوَجَبَ أَنْ لَا يُقْبَلَ -.
وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ} [المائدة: ١٠٦] الْآيَةَ فَوَجَبَ أَخْذُ حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى كُلِّهِ، وَأَنْ يَسْتَثْنِيَ الْأَخَصَّ مِنْ الْأَعَمِّ، لِيُتَوَصَّلَ بِذَلِكَ إلَى طَاعَةِ الْجَمِيعِ، وَمَنْ تَعَدَّى هَذَا الطَّرِيقَ فَقَدْ خَالَفَ بَعْضَ أَوَامِرِ اللَّهِ تَعَالَى: وَهَذَا لَا يَحِلُّ -: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ زَاذَانَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} [المائدة: ١٠٦] الْآيَةَ، قَالَ: بَرِئَ النَّاسُ مِنْهَا غَيْرِي، وَغَيْرَ عَدِيِّ بْنِ بُدَاءٍ، وَكَانَا نَصْرَانِيَّيْنِ يَخْتَلِفَانِ إلَى الشَّامِ، فَأَتَيَا إلَى الشَّامِ، وَقَدِمَ عَلَيْهِمَا بُدَيْلُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ مَوْلَى بَنِي سَهْمٍ، وَمَعَهُ جَامٌ مِنْ فِضَّةٍ يُرِيدُ بِهِ الْمَلِكَ هُوَ عُظْمُ تِجَارَتِهِ، فَمَرِضَ؛ فَأَوْصَى إلَيْهَا، قَالَ تَمِيمٌ: فَلَمَّا مَاتَ أَخَذْنَا ذَلِكَ الْجَامَ فَبِعْنَاهُ بِأَلْفٍ ثُمَّ اقْتَسَمْنَاهُ أَنَا وَعَدِيُّ بْنُ بُدَاءٍ، فَلَمَّا قَدِمْنَا دَفَعْنَاهُ إلَى أَهْلِهِ، فَسَأَلُوا عَنْ الْجَامِ؟ فَقُلْنَا: مَا دَفَعَ إلَيْنَا غَيْرَ هَذَا، فَلَمَّا أَسْلَمْتُ بَعْدَ قُدُومِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ تَأَثَّمْتُ مِنْ ذَلِكَ، فَأَتَيْتُ أَهْلَهُ فَأَخْبَرْتهمْ الْخَبَرَ، وَأَدَّيْتُ إلَيْهِمْ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَأَخْبَرْتُهُمْ: أَنَّ عِنْدَ صَاحِبِي مِثْلَهَا، فَأَتَوْا بِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلَهُمْ الْبَيِّنَةَ؟ فَلَمْ يَجِدُوا، فَأَحْلَفَهُ بِمَا يُعْظَمُ بِهِ عَلَى أَهْلِ دِينِهِ فَحَلَفَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} [المائدة: ١٠٦] الْآيَةَ، فَحَلَفَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَوَاحِدٌ مِنْهُمْ، فَنُزِعَتْ الْخَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ عَدِيِّ بْنِ بُدَاءٍ» .
وَمِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَ تَمِيمٌ الدَّارِيِّ، وَعَدِيُّ بْنُ بُدَاءٍ: يَخْتَلِفَانِ إلَى مَكَّةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute