أَوْ مُرْسَلٌ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ فَرُّوخَ.
أَوْ مُرْسَلٌ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ طَلْحَةَ - وَلَا يُدْرَى مَنْ هُمَا فِي النَّاسِ.
أَوْ مُرْسَلَانِ: مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ.
وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ سَمْعَانَ، وَقَدْ كَذَّبَهُمَا مَالِكٌ، وَغَيْرُهُ.
أَوْ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ الْجَزَرِيِّ - وَهُوَ مَجْهُولٌ - فَإِنْ كَانَ ابْنُ سِنَانٍ - فَهُوَ مَذْكُورٌ بِالْكَذِبِ.
أَوْ مُرْسَلٌ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ - وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَكُلُّ هَذَا لَا يَحِلُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ.
ثُمَّ لَوْ صَحَّتْ لَكَانَتْ مُخَالِفَةً لَهُمْ؛ لِأَنَّ فِيهَا أَنْ لَا تَجُوزَ شَهَادَةُ ذِي الْغِمْرِ عَلَى أَخِيهِ مُطْلَقًا عَامًّا - وَهُوَ قَوْلُنَا - وَهُمْ يَمْنَعُونَهَا مِنْ الْقَبُولِ عَلَى عَدُوِّهِ فَقَطْ، وَيُجِيزُونَهَا عَلَى غَيْرِهِ - وَهَذَا خِلَافٌ لِتِلْكَ الْآثَارِ.
وَأَمَّا شَهَادَةُ الْخَصْمِ: فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ لِنَفْسِهِ الْمُخَاصِمَ لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ لِنَفْسِهِ بِلَا شَكٍّ.
فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِتِلْكَ الْآثَارِ لَوْ صَحَّتْ، فَكَيْفَ وَهِيَ لَا تَصِحُّ.
ثُمَّ وَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى قَدْ قَالَ: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: ٨] فَأَمَرَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالْعَدْلِ عَلَى أَعْدَائِنَا.
فَصَحَّ أَنَّ مَنْ حَكَمَ بِالْعَدْلِ عَلَى عَدُوِّهِ أَوْ صَدِيقِهِ أَوْ لَهُمَا، أَوْ شَهِدَ - وَهُوَ عَدْلٌ - عَلَى عَدُوِّهِ أَوْ صَدِيقِهِ أَوْ لَهُمَا، فَشَهَادَتُهُ مَقْبُولَةٌ وَحُكْمُهُ نَافِذٌ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَمَا نَعْلَمُ أَحَدًا سَبَقَ مَالِكًا إلَى الْقَوْلِ بِرَدِّ شَهَادَةِ الصَّدِيقِ الْمُلَاطِفِ.
وَأَمَّا مَنْ رَدَّ شَهَادَةَ الْفَقِيرِ فَعَظِيمَةٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} [الحشر: ٨]- إلَى قَوْلِهِ -: {أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحشر: ٨] فَمَنْ رَدَّ شَهَادَةَ هَؤُلَاءِ لَخَاسِرٌ، وَإِنَّ مَنْ خَصَّهُمْ دُونَ سَائِرِ الْفُقَرَاءِ لَمُتَنَاقِضٌ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَمَا نَعْلَمُ لَهُمْ فِي هَذِهِ الْأَقْوَالِ سَلَفًا مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَصْلًا.
وَأَطْرَفُ شَيْءٍ قَوْلُ رَبِيعَةَ: تُرَدُّ شَهَادَةُ مَنْ خَالَفَ الْعُدُولَ فِي سِيرَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُوقَفْ