وَعَنْ ابْنِ سِيرِينَ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ حَتَّى يَبْلُغُوا.
وَعَنْ الشَّعْبِيِّ، وَشُرَيْحٍ: أَنَّهُمَا كَانَا يَقْبَلَانِهَا إذَا ثَبَتُوا عَلَيْهَا حَتَّى يَبْلُغُوا.
وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ فِي غِلْمَانٍ شَهِدَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِكَسْرِ يَدِ صَبِيٍّ مِنْهُمْ؟ فَقَالَ: لَمْ تَكُنْ شَهَادَةُ الْغِلْمَانِ فِيمَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ تُقْبَلُ - وَأَوَّلُ مَنْ قَضَى بِذَلِكَ مَرْوَانُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَبِمِثْلِ قَوْلِنَا يَقُولُ مَكْحُولٌ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَابْنُ شُبْرُمَةَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ، وَجَمِيعُ أَصْحَابِنَا.
قَالَ عَلِيٌّ: لَمْ نَجِدْ لِمَنْ أَجَازَ شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ حُجَّةً أَصْلًا، لَا مِنْ قُرْآنٍ، وَلَا مِنْ سُنَّةٍ، وَلَا رِوَايَةٍ سَقِيمَةٍ، وَلَا قِيَاسٍ، وَلَا نَظَرٍ، وَلَا احْتِيَاطٍ، بَلْ هُوَ قَوْلٌ مُتَنَاقِضٌ، لِأَنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَ شَهَادَتِهِمْ عَلَى كَبِيرٍ أَوْ لِكَبِيرٍ، وَبَيْنَ شَهَادَتِهِمْ عَلَى صَغِيرٍ أَوْ لِصَغِيرٍ.
وَفَرَّقَ مَالِكٌ بَيْنَ الْجِرَاحِ وَغَيْرِهَا، فَلَمْ يُجِزْهَا فِي تَخْرِيقِ ثَوْبٍ يُسَاوِي رُبُعَ دِرْهَمٍ، وَأَجَازَهَا فِي النَّفْسِ وَالْجِرَاحِ.
وَفَرَّقَ بَيْنَ الصَّبَايَا وَالصِّبْيَانِ - وَهَذَا كُلُّهُ تَحَكُّمٌ بِالْبَاطِلِ، وَخَطَأٌ لَا خَفَاءَ بِهِ، وَأَقْوَالٌ لَا يَحِلُّ قَبُولُهَا مِنْ غَيْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَقَدْ اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فِي ذَلِكَ، وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِقَوْلِنَا هُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] وَقَالَ: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: ٢٨٢] وَلَيْسَ الصِّبْيَانُ ذَوَيْ عَدْلٍ وَلَا يَرْضَاهُمْ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ، فَذَكَرَ الصَّبِيَّ حَتَّى يَبْلُغَ» .
وَلَيْسَ فِي الْعَجَبِ أَكْثَرُ مِنْ رَدِّ شَهَادَةِ عَبْدٍ فَاضِلٍ، صَالِحٍ عَدْلٍ، رَضِيٍّ - وَتُقْبَلُ شَهَادَةِ صَبِيَّيْنِ لَا عَقْلَ لَهُمَا، وَلَا دِينَ، وَفِي هَذَا كِفَايَةٌ -.
وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute