للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَسَاغَ الْمَاءُ فِيهَا، فَاسْتَمَرَّ بِهَا الْحَمْلُ، فَثَقُلَتْ بِغُلَامٍ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَبَعَثَ إلَى زَوْجِهَا فَسَأَلَهُ؟ فَصَدَّقَهَا، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ عُمَرُ: مَنْ أَغْلَقَ الْبَابَ أَوْ أَرْخَى السِّتْرَ فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ، وَكَمُلَتْ الْعِدَّةُ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِهِمْ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ: فَمُخَالِفَانِ لِكُلِّ مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَا نَعْلَمُ لَهُمَا حُجَّةً أَصْلًا وَلَا سَلَفًا فِي قَوْلِهِمَا، فَلَمْ يَبْقَ إلَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنْ أَغْلَقَ بَابًا، أَوْ أَرْخَى سِتْرًا فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ فَوَجَدْنَا مَنْ ذَهَبَ إلَى هَذَا الْقَوْلِ يَحْتَجُّونَ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: ٤] .

قَالُوا: فَالصَّدَاقُ كُلُّهُ وَاجِبٌ لَهَا إلَّا أَنْ يَمْنَعَ مِنْهُ إجْمَاعٌ.

وَكَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ نا إسْمَاعِيلُ - هُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ - عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ لَهُ: «فَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي الْعَجْلَانِ» ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، قَالَ أَيُّوبُ: فَقَالَ لِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: إنَّ فِي الْحَدِيثِ شَيْئًا لَا أَرَاك تُحَدِّثُهُ؟ قَالَ: قَالَ الرَّجُلُ: مَالِي؟ قَالَ: قِيلَ: لَا مَالَ لَك إنْ كُنْت صَادِقًا فَقَدْ دَخَلْت بِهَا.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا حُجَّةَ فِي هَذَا لِأَنَّ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ لَمْ يَذْكُرْ مَنْ أَخْبَرَهُ بِهَذَا، فَحَصَلَ مُرْسَلًا، وَلَا حُجَّةَ فِي مُرْسَلٍ.

وَأَيْضًا: فَإِنَّمَا فِيهِ قَالَ: قِيلَ: وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ ذَلِكَ - فَسَقَطَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ - وَقَدْ أَسْنَدَهُ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ هَذَا اللَّفْظَ لَكِنْ كَمَا نا حُمَامُ بْنُ أَحْمَدَ نا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ نا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ نا الْحُمَيْدِيُّ نا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ نا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْت سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ: سَمِعْت ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «لِلْمُتَلَاعِنَيْنِ حِسَابُكُمَا عَلَى اللَّهِ، أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَالِي مَالِي، قَالَ: لَا مَالَ لَكَ، إنْ كُنْت صَادِقًا عَلَيْهَا فَهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

قَالُوا: فَالدُّخُولُ بِهَا اسْتِحْلَالٌ لِفَرْجِهَا؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا تَمْوِيهٌ، بَلْ حِينَ الْعَقْدِ لِلنِّكَاحِ يَصِحُّ اسْتِحْلَالُهُ لِفَرْجِهَا فَلَوْلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>