للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فِي ذَلِكَ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَهُ وَلَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا، وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَهُ، قَالَ سَعِيدٌ: وَأَيُّ ذَلِكَ فَعَلَ فَلَا بَأْسَ بِهِ - يَعْنِي دُخُولَ الرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ الَّتِي تَزَوَّجَ وَلَمْ يُعْطِهَا شَيْئًا.

وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ مَنْصُورٌ: عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ؛ وَقَالَ يُونُسُ: عَنْ الْحَسَنِ، ثُمَّ اتَّفَقَا جَمِيعًا عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَدْخُلَ الرَّجُلُ بِامْرَأَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهَا شَيْئًا.

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ فِي الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ وَيُسَمِّي لَهَا صَدَاقًا هَلْ يَدْخُلُ عَلَيْهَا وَلَمْ يُعْطِهَا شَيْئًا؟ فَقَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ} [النساء: ٢٤] فَإِذَا فَرَضَ الصَّدَاقَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ فِي الدُّخُولِ عَلَيْهَا، وَقَدْ مَضَتْ السُّنَّةُ أَنْ يُقَدَّمَ لَهَا شَيْءٌ مِنْ كِسْوَةٍ أَوْ نَفَقَةٍ.

وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نا هُشَيْمٌ ثنا حَجَّاجٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ أَنَّ كُرَيْبَ بْنَ أَبِي مُسْلِمٍ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ - تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَدَخَلَ بِهَا قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ صَدَاقِهَا شَيْئًا - وَبِهَذَا يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابُهُمْ.

وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: كَانُوا يَسْتَحْسِنُونَ أَنْ لَا يَدْخُلَ بِهَا حَتَّى يُقَدِّمَ لَهَا شَيْئًا.

وَقَالَ اللَّيْثُ: إنْ سَمَّى لَهَا مَهْرًا فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُقَدِّمَ لَهَا شَيْئًا، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لَمْ أَرَ بِهِ بَأْسًا.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ كَانَ مَهْرُهَا مُؤَجَّلًا فَلَهُ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا - أَحَبَّتْ أَمْ كَرِهَتْ حَلَّ الْأَجَلُ أَوْ لَمْ يَحِلَّ - فَإِنْ كَانَ الصَّدَاقُ نَقْدًا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا حَتَّى يُؤَدِّيَهُ إلَيْهَا، فَلَوْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا مِنْهُ حَتَّى يُوَفِّيَهَا جَمِيعَ صَدَاقِهَا.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا تَقْسِيمُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، فَدَعْوَى بِلَا بُرْهَانٍ: لَا مِنْ قُرْآنٍ، وَلَامَنِ سُنَّةٍ، وَلَا قِيَاسٍ، وَلَا قَوْلِ مُتَقَدِّمٍ، وَلَا رَأْيٍ لَهُ وَجْهٌ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا قَوْلُ مَنْ أَبَاحَ دُخُولَهُ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يُعْطِهَا شَيْئًا أَوْ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ.

فَنَظَرْنَا فِي حُجَّةِ مَنْ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ فَوَجَدْنَاهُمْ يَحْتَجُّونَ بِحَدِيثٍ فِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَلِيًّا أَنْ يَدْخُلَ بِفَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - حَتَّى يُعْطِيَهَا شَيْئًا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>