للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَيْضِ، وَالثَّالِثُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْعِدَّةِ فِي ذَلِكَ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ، فَأَمَّا أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَيْضِ فَإِنَّ طَائِفَةً قَالَتْ: أَقَلُّ الْحَيْضِ دَفْعَةٌ تُتْرَكُ لَهَا الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ وَيَحْرُمُ الْوَطْءُ وَأَمَّا فِي الْعِدَّةِ فَأَقَلُّهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ: أَقَلُّهُ فِي الْعِدَّةِ خَمْسَةُ أَيَّامٍ.

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: أَقَلُّ الْحَيْضِ دَفْعَةٌ وَاحِدَةٌ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْوَطْءِ وَالْعِدَّةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَدَاوُد وَأَصْحَابِهِ.

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: أَقَلُّ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَهُوَ الْأَشْهَرُ مِنْ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: أَقَلُّ الْحَيْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، فَإِنْ انْقَطَعَ قَبْلَ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ فَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ وَلَيْسَ حَيْضًا وَلَا تُتْرَكُ لَهُ صَلَاةٌ وَلَا صَوْمٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَسُفْيَانَ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: حَيْضُ النِّسَاءِ سِتٌّ أَوْ سَبْعٌ، وَهُوَ قَوْلٌ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ.

قَالَ عَلِيٌّ: أَمَّا مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَتَحْرِيمِ الْوَطْءِ وَبَيْنَ الْعِدَّةِ، فَقَوْلٌ ظَاهِرُ الْخَطَأِ، وَلَا نَعْلَمُ لَهُ حُجَّةً أَصْلًا، لَا مِنْ قُرْآنٍ وَلَا مِنْ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ وَلَا سَقِيمَةٍ وَلَا مِنْ إجْمَاعٍ، وَلَا مِنْ قَوْلِ صَاحِبٍ وَلَا مِنْ قِيَاسٍ وَلَا مِنْ احْتِيَاطٍ وَلَا مِنْ رَأْيٍ لَهُ وَجْهٌ، فَوَجَبَ تَرْكُهُ.

ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ: حَيْضُ النِّسَاءِ يَدُورُ عَلَى سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ، فَلَمْ نَجِدْ لَهُمْ حُجَّةً إلَّا أَنْ قَالُوا: هَذَا هُوَ الْمَعْهُودُ فِي النِّسَاءِ، وَذَكَرُوا حَدِيثًا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَمِّهِ عِمْرَانَ بْنِ طَلْحَةَ «عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ أَنَّهَا اُسْتُحِيضَتْ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجَلَ حَيْضَتِهَا سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةً» .

وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ زَكَرِيَّا بْنَ عَدِيٍّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الرَّقِّيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَمِّهِ عِمْرَانَ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أُمِّهِ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهَا: تَحَيَّضِي سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةً فِي عِلْمِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ثُمَّ اغْتَسِلِي، فَإِذَا اسْتَنْقَأْتِ فَصَلِّي أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ أَوْ ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ وَأَيَّامَهَا وَصُومِي كَذَلِكَ، وَافْعَلِي فِي كُلِّ شَهْرٍ كَمَا تَحِيضُ النِّسَاءُ وَكَمَا يَطْهُرْنَ لِمِيقَاتِ حَيْضِهِنَّ وَطُهْرِهِنَّ» .

وَقَدْ أَخَذَ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَبُو عُبَيْدٍ فَجَعَلَ هَذَا حُكْمَ الْمُبْتَدَأَةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>